الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: منهاج الطالبين وعمدة المتقين ***
الْقِرَاضُ وَالْمُضَارَبَةُ أَنْ يَدْفَعَ: إلَيْهِ مَالاً لِيَتَّجِرَ فِيهِ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ. وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ كَوْنُ الْمَالِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ خَالِصَةً، فَلَا يَجُوزُ عَلَى تِبْرٍ وَحُلِيٍّ مَغْشُوشٍ وَعُرُوضٍ وَمَعْلُومًا مُعَيَّنًا، وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ، وَمُسَلَّمًا إلَى الْعَامِلِ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ كَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِ الْمَالِكِ، وَلَا عَمَلِهِ مَعَهُ، وَيَجُوزُ شَرْطُ عَمَلِ غُلَامِ الْمَالِكِ مَعَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَوَظِيفَةُ الْعَامِلِ التِّجَارَةُ وَتَوَابِعُهَا كَنَشْرِ الثِّيَابِ وَطَيِّهَا، فَلَوْ قَارَضَهُ لِيَشْتَرِيَ حِنْطَةً فَيَطْحَنَ وَيَخْبِزَ، أَوْ غَزْلاً يَنْسِجُهُ وَيَبِيعُهُ فَسَدَ الْقِرَاضُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِ شِرَاءَ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ أَوْ نَوْعٍ يَنْدُرُ وُجُودُهُ، أَوْ مُعَامَلَةَ شَخْصٍ. وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مُدَّةِ الْقِرَاضِ، فَلَوْ ذَكَرَ مُدَّةً وَمَنَعَهُ التَّصَرُّفَ بَعْدَهَا فَسَدَ، وَإِنْ مَنَعَهُ الشِّرَاءَ بَعْدَهَا فَلَا فِي الْأَصَحِّ. وَيُشْتَرَطُ اخْتِصَاصُهُمَا بِالرِّبْحِ وَاشْتِرَاكُهُمَا فِيهِ، وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ كُلَّ الرِّبْحِ لَك فَقِرَاضٌ فَاسِدٌ، وَقِيلَ قِرَاضٌ صَحِيحٌ وَإِنْ قَالَ كُلُّهُ لِي فَقِرَاضٌ فَاسِدٌ، وَقِيلَ: إبْضَاعٌ، وَكَوْنُهُ مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ فَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ لَك فِيهِ شَرِكَةً أَوْ نَصِيبًا فَسَدَ، أَوْ بَيْنَنَا فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ، وَيَكُونُ نِصْفَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: لِي النِّصْفُ فَسَدَ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ قَالَ: لَك النِّصْفُ صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا عَشَرَةً أَوْ رِبْحَ صِنْفٍ فَسَدَ.
يُشْتَرَطُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ. وَقِيلَ يَكْفِي الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ. وَشَرْطُهُمَا كَوَكِيلٍ وَمُوَكِّلٍ وَلَوْ قَارَضَ الْعَامِلُ آخَرَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ لِيُشَارِكَهُ فِي الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ لَمْ يَجُزْ فِي الْأَصَحِّ، وَبِغَيْرِ إذْنِهِ فَاسِدٌ، فَإِنْ تَصَرَّفَ الثَّانِي فَتَصَرُّفُ غَاصِبٍ، فَإِنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَقُلْنَا بِالْجَدِيدِ فَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ، وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَتُهُ، وَقِيلَ هُوَ لِلثَّانِي وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ فَبَاطِلٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَ الْوَاحِدُ اثْنَيْنِ مُتَفَاضِلاً وَمُتَسَاوِيًا، وَالِاثْنَانِ وَاحِدًا وَالرِّبْحُ بَعْدَ نَصِيبِ الْعَامِلِ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ الْمَالِ، وَإِذَا فَسَدَ الْقِرَاضُ نَفَذَ تَصَرُّفُ الْعَامِلِ وَالرِّبْحُ لِلْمَالِكِ، وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ إلَّا إذَا قَالَ: قَارَضْتُك وَجَمِيعُ الرِّبْحِ لِي فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَيَتَصَرَّفُ الْعَامِلُ مُحْتَاطًا لَا بِغَبْنٍ وَلَا نَسِيئَةٍ بِلَا إذْنٍ. وَلَهُ الْبَيْعُ بِعَرْضٍ، وَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ تَقْتَضِيهِ مَصْلَحَةٌ، فَإِنْ اقْتَضَتْ الْإِمْسَاكَ فَلَا فِي الْأَصَحِّ، وَلِلْمَالِكِ الرَّدُّ، فَإِنْ اخْتَلَفَا عُمِلَ بِالْمَصْلَحَةِ، وَلَا يُعَامِلُ الْمَالِكَ. وَلَا يَشْتَرِي لِلْقِرَاضِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمَالِكِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَكَذَا زَوْجُهُ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَقَعْ لِلْمَالِكِ وَيَقَعُ لِلْعَامِلِ إنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ، وَلَا يُسَافِرُ بِالْمَالِ بِلَا إذْنٍ، وَلَا يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ حَضَرًا، وَكَذَا سَفَرًا فِي الْأَظْهَرِ، وَعَلَيْهِ فِعْلُ مَا يُعْتَادُ كَطَيِّ الثَّوْبِ وَوَزْنِ الْخَفِيفِ كَذَهَبٍ وَمِسْكٍ لَا الْأَمْتِعَةِ الثَّقِيلَةِ، وَنَحْوِهِ، وَمَا لَا يَلْزَمُهُ لَهُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِالْقِسْمَةِ لَا بِالظُّهُورِ، وَثِمَارُ الشَّجَرِ وَالنِّتَاجُ وَكَسْبُ الرَّقِيقِ وَالْمَهْرُ الْحَاصِلَةُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ يَفُوزُ بِهَا الْمَالِكُ، وَقِيلَ مَالُ قِرَاضٍ. وَالنَّقْصُ الْحَاصِلُ بِالرُّخْصِ مَحْسُوبٌ مِنْ الرِّبْحِ مَا أَمْكَنَ وَمَجْبُورٌ بِهِ، وَكَذَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ بِآفَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ تَصَرُّفِهِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْأَصَحِّ.
لِكُلٍّ فَسْخُهُ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ انْفَسَخَ. وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ الِاسْتِيفَاءُ إذَا فَسَخَ أَحَدُهُمَا، وَتَنْضِيضُ رَأْسِ الْمَالِ إنْ كَانَ عَرْضًا، وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ التَّنْضِيضُ إذَا لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ. وَلَوْ اسْتَرَدَّ الْمَالِكُ بَعْضَهُ قَبْلَ ظُهُورِ رِبْحٍ وَخُسْرَانٍ رَجَعَ رَأْسُ الْمَالِ إلَى الْبَاقِي، وَإِنْ اسْتَرَدَّ بَعْدَ الرِّبْحِ فَالْمُسْتَرَدُّ شَائِعٌ رِبْحًا، وَرَأْسَ مَالٍ مِثَالُهُ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةٌ وَالرِّبْحُ عِشْرُونَ وَاسْتَرَدَّ عِشْرِينَ فَالرِّبْحُ سُدُسُ الْمَالِ فَيَكُونُ الْمُسْتَرَدُّ سُدُسَهُ مِنْ الرِّبْحِ فَيَسْتَقِرُّ لِلْعَامِلِ الْمَشْرُوطُ مِنْهُ وَبَاقِيهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. وَإِنْ اسْتَرَدَّ بَعْدَ الْخُسْرَانِ فَالْخُسْرَانُ مُوَزَّعٌ عَلَى الْمُسْتَرَدِّ وَالْبَاقِي فَلَا يَلْزَمُ جَبْرُ حِصَّةِ الْمُسْتَرَدِّ لَوْ رَبِحَ بَعْدَ ذَلِكَ، مِثَالُهُ الْمَالُ مِائَةٌ وَالْخُسْرَانُ عِشْرُونَ ثُمَّ اسْتَرَدَّ عِشْرِينَ فَرُبْعُ الْعِشْرِينَ حِصَّةُ الْمُسْتَرَدِّ، وَيَعُودُ رَأْسُ الْمَالِ إلَى خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ، وَيُصَدَّقُ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَرْبَحْ، أَوْ لَمْ أَرْبَحْ إلَّا كَذَا، أَوْ اشْتَرَيْت هَذَا لِلْقِرَاضِ أَوْ لِي، أَوْ لَمْ تَنْهَنِي عَنْ شِرَاءِ كَذَا، وَفِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ، وَدَعْوَى التَّلَفِ، وَكَذَا دَعْوَى الرَّدِّ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ تَحَالَفَا، وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ.
تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ، وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ بِالْوِلَايَةِ. وَمَوْرِدُهَا النَّخْلُ وَالْعِنَبُ، وَجَوَّزَهَا الْقَدِيمُ فِي سَائِرِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ. وَلَا تَصِحُّ الْمُخَابَرَةُ وَهِيَ عَمَلُ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَالْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ، وَلَا الْمُزَارَعَةُ، وَهِيَ: هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ، وَالْبَذْرَ مِنْ الْمَالِكِ. فَلَوْ كَانَ بَيْنَ النَّخْلِ بَيَاضٌ صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ عَلَيْهِ مَعَ الْمُسَاقَاةِ عَلَى النَّخْلِ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْعَامِلِ وَعُسْرِ إفْرَادِ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ، وَالْبَيَاضِ بِالْعِمَارَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُفْصَلَ بَيْنَهُمَا وَأَنْ لَا يُقَدِّمَ الْمُزَارَعَةَ، وَأَنَّ كَثِيرَ الْبَيَاضِ كَقَلِيلِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَابَرَ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ. فَإِنْ أُفْرِدَتْ أَرْضٌ بِالْمُزَارَعَةِ فَالْمُغَلُّ لِلْمَالِكِ، وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَدَوَابِّهِ وَآلَاتِهِ. وَطَرِيقُ جَعْلِ الْغَلَّةِ لَهُمَا، وَلَا أُجْرَةَ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ لِيَزْرَعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ وَيُعِيرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ أَوْ يَسْتَأْجِرَهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَنِصْفِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ لِيَزْرَعَ النِّصْفَ الْآخَرَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مِنْ الْأَرْضِ.
يُشْتَرَطُ تَخْصِيصُ الثَّمَرِ بِهِمَا وَاشْتِرَاكُهُمَا فِيهِ، وَالْعِلْمُ بِالنَّصِيبَيْنِ بِالْجُزْئِيَّةِ كَالْقِرَاضِ، وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرِ لَكِنْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ. وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى وَدِيِّ الْمُسَاقَاةِ لِيَغْرِسَهُ وَيَكُونَ الشَّجَرُ لَهُمَا لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ كَانَ مَغْرُوسًا وَشَرَطَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَرِ عَلَى الْعَمَلِ - فَإِنْ قُدِّرَ لَهُ مُدَّةٌ يُثْمِرُ فِيهَا غَالِبًا صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ: إنْ تَعَارَضَ الِاحْتِمَالَانِ صَحَّ. وَلَهُ مُسَاقَاةُ شَرِيكِهِ فِي الشَّجَرِ إذَا شَرَطَ لَهُ زِيَادَةً عَلَى حِصَّتِهِ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَشْرِطَ عَلَى الْعَامِلِ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ أَعْمَالِهَا. وَأَنْ يَنْفَرِدَ بِالْعَمَلِ وَبِالْيَدِ فِي الْحَدِيقَةِ، وَمَعْرِفَةُ الْعَمَلِ بِتَقْدِيرِ الْمُدَّةِ كَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَا يَجُوزُ التَّوْقِيتُ بِإِدْرَاكِ الثَّمَرِ فِي الْأَصَحِّ وَصِيغَتُهَا: سَاقَيْتُك عَلَى هَذَا النَّخْلِ بِكَذَا أَوْ سَلَّمْته إلَيْك لِتَتَعَهَّدَهُ، وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ دُونَ تَفْصِيلِ الْأَعْمَالِ، وَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ عَلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ. وَعَلَى الْعَامِلِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِصَلَاحِ الثَّمَرِ وَاسْتِزَادَتِهِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ كَسَقْيٍ وَتَنْقِيَةِ نَهْرٍ وَإِصْلَاحِ الْأَجَاجِينِ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا الْمَاءُ وَتَلْقِيحٍ وَتَنْحِيَةِ حَشِيشٍ وَقُضْبَانٍ مُضِرَّةٍ، وَتَعْرِيشٍ جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ وَكَذَا حِفْظُ الثَّمَرِ وَجِذَاذُهُ وَتَجْفِيفُهُ فِي الْأَصَحِّ وَمَا قُصِدَ بِهِ حِفْظُ الْأَصْلِ، وَلَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ كَبِنَاءِ الْحِيطَانِ وَحَفْرِ نَهْرٍ جَدِيدٍ فَعَلَى الْمَالِكِ. وَالْمُسَاقَاةُ لَازِمَةٌ. فَلَوْ هَرَبَ الْعَامِلُ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَأَتَمَّهُ الْمَالِكُ مُتَبَرِّعًا بَقِيَ اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ، وَإِلَّا اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مَنْ يُتِمُّهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَاكِمِ فَلْيُشْهِدْ عَلَى الْإِنْفَاقِ إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ. وَلَوْ مَاتَ وَخَلَّفَ تَرِكَةً أَتَمَّ الْوَارِثُ الْعَمَلَ مِنْهَا، وَلَهُ أَنْ يُتِمَّ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ. وَلَوْ ثَبَتَ خِيَانَةُ عَامِلٍ ضُمَّ إلَيْهِ مُشْرِفٌ، فَإِنْ لَمْ يَتَحَفَّظْ بِهِ اُسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِ الْعَامِلِ. وَلَوْ خَرَجَ الثَّمَرُ مُسْتَحَقًّا فَلِلْعَامِلِ عَلَى الْمُسَاقِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ.
شَرْطُهُمَا كَبَائِعٍ وَمُشْتَرٍ. وَالصِّيغَةُ آجَرْتُك هَذَا أَوْ أَكْرَيْتُكَ أَوْ مَلَّكْتُك مَنَافِعَهُ سَنَةً بِكَذَا فَيَقُولُ: قَبِلْت أَوْ اسْتَأْجَرْت أَوْ اكْتَرَيْت، وَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهَا بِقَوْلِهِ: آجَرْتُك مَنْفَعَتَهَا، وَمَنْعُهَا بِقَوْلِهِ: بِعْتُك مَنْفَعَتَهَا. وَهِيَ قِسْمَانِ: وَارِدَةٌ عَلَى عَيْنٍ كَإِجَارَةِ الْعَقَارِ وَدَابَّةٍ أَوْ شَخْصٍ مُعَيَّنَيْنِ، وَعَلَى الذِّمَّةِ كَاسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ مَوْصُوفَةٍ، وَبِأَنْ يُلْزِمَ ذِمَّتَهُ خِيَاطَةً أَوْ بِنَاءً. وَلَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك لِتَعْمَلَ كَذَا فَإِجَارَةُ عَيْنٍ، وَقِيلَ ذِمَّةٍ. وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ، وَإِجَارَةُ الْعَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِيهَا، وَيَجُوزُ فِيهَا التَّعْجِيلُ وَالتَّأْجِيلُ إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ، وَإِذَا أُطْلِقَتْ تَعَجَّلَتْ، وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً مُلِكَتْ فِي الْحَالِ. وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ مَعْلُومَةً فَلَا تَصِحُّ بِالْعِمَارَةِ وَالْعَلْفِ وَلَا لِيَسْلُخَ بِالْجِلْدِ وَيَطْحَنَ بِبَعْضِ الدَّقِيقِ أَوْ بِالنُّخَالَةِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِتُرْضِعَ رَقِيقًا بِبَعْضِهِ فِي الْحَالِ جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَكَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مُتَقَوِّمَةً، فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ بَيَّاعٍ عَلَى كَلِمَةٍ لَا تُتْعِبُ وَإِنْ رَوَّجَتْ السِّلْعَةَ، وَكَذَا دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ لِلتَّزْيِينِ، وَكَلْبٌ لِلصَّيْدِ فِي الْأَصَحِّ. وَكَوْنُ الْمُؤَجِّرِ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا، فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ آبِقٍ وَمَغْصُوبٍ وَأَعْمَى لِلْحِفْظِ، وَأَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ لَا مَاءَ لَهَا دَائِمٌ، وَلَا يَكْفِيهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ، وَيَجُوزُ إنْ كَانَ لَهَا مَاءٌ دَائِمٌ، وَكَذَا إنْ كَفَاهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ أَوْ مَاءُ الثُّلُوجِ الْمُجْتَمِعَةِ، وَالْغَالِبُ حُصُولُهَا فِي الْأَصَحِّ، وَالِامْتِنَاعُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ. فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ لِقَلْعِ سِنٍّ صَحِيحَةٍ. وَلَا حَائِضٍ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ، وَكَذَا مَنْكُوحَةٌ لِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فِي الْأَصَحِّ. وَيَجُوزُ تَأْجِيلُ الْمَنْفَعَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَأَلْزَمْتُ ذِمَّتَك الْحَمْلَ إلَى مَكَّةَ أَوَّلَ شَهْرِ كَذَا. وَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ عَيْنٍ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، فَلَوْ أَجَّرَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ لِمُسْتَأْجِرِ الْأُولَى قَبْلَ انْقِضَائِهَا جَازَ فِي الْأَصَحِّ، وَيَجُوزُ كِرَاءُ الْعُقَبِ فِي الْأَصَحِّ، وَهُوَ أَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّةً رَجُلاً لِيَرْكَبَهَا بَعْضَ الطَّرِيقِ أَوْ رَجُلَيْنِ لِيَرْكَبَ هَذَا أَيَّامًا، وَذَا أَيَّامًا وَيُبَيِّنُ الْبَعْضَيْنِ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ.
يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً. ثُمَّ تَارَةً تُقَدَّرُ بِزَمَانٍ كَدَارٍ سَنَةً، وَتَارَةً بِعَمَلٍ كَدَابَّةٍ إلَى مَكَّةَ وَكَخَيَّاطَةِ ذَا الثَّوْبِ، فَلَوْ جَمَعَهُمَا فَاسْتَأْجَرَهُ لِيَخِيطَهُ بَيَاضَ النَّهَارِ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ. وَيُقَدَّرُ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ بِمُدَّةٍ، أَوْ تَعْيِينِ سُوَرٍ. وَفِي الْبِنَاءِ يُبَيِّنُ الْمَوْضِعَ وَالطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالسَّمْكَ وَمَا يُبْنَى بِهِ إنْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ. وَإِذَا صَلُحَتْ الْأَرْضُ لِبِنَاءٍ وَزِرَاعَةٍ وَغِرَاسٍ اُشْتُرِطَ تَعْيِينُ الْمَنْفَعَةِ، وَيَكْفِي تَعْيِينُ الزِّرَاعَةِ عَنْ ذِكْرِ مَا يُزْرَعُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ لِتَنْتَفِعَ بِهَا بِمَا شِئْت صَحَّ وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ شِئْت فَازْرَعْ وَإِنْ شِئْت فَاغْرِسْ فِي الْأَصَحِّ. وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ مَعْرِفَةُ الرَّاكِبِ بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ وَصْفٍ تَامٍّ، وَقِيلَ لَا يَكْفِي الْوَصْفُ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ مِنْ مَحْمِلٍ وَغَيْرِهِ إنْ كَانَ لَهُ، وَلَوْ شَرَطَ حَمْلَ الْمَعَالِيقِ مُطْلَقًا فَسَدَ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لَمْ يُسْتَحَقَّ، وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ تَعْيِينُ الدَّابَّةِ، وَفِي اشْتِرَاطِ رُؤْيَتِهَا الْخِلَافُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ وَفِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ ذِكْرُ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا بَيَانُ قَدْرِ السَّيْرِ كُلَّ يَوْمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالطَّرِيقِ مَنَازِلُ مَضْبُوطَةٌ فَيَنْزِلُ عَلَيْهَا. وَيَجِبُ فِي الْإِيجَارِ لِلْحَمْلِ أَنْ يَعْرِفَ الْمَحْمُولَ، فَإِنْ حَضَرَ رَآهُ وَامْتَحَنَهُ بِيَدِهِ إنْ كَانَ فِي ظَرْفٍ، وَإِنْ غَابَ قُدِّرَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ، وَجِنْسُهُ لَا جِنْسَ الدَّابَّةِ، وَصِفَتَهَا إنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُولُ زُجَاجًا وَنَحْوَهُ.
لَا تَصِحُّ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ وَلَا عِبَادَةٍ تَجِبُ لَهَا نِيَّةٌ، إلَّا حَجٌّ وَتَفْرِقَةُ زَكَاةٍ، وَتَصِحُّ لِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ وَدَفْنِهِ، وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ. وَلِحَضَانَةٍ وَإِرْضَاعٍ مَعًا، وَلِأَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَسْتَتْبِعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَالْحَضَانَةُ حِفْظُ صَبِيٍّ وَتَعَهُّدُهُ بِغَسْلِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَدَهْنِهِ وَكَحْلِهِ وَرَبْطِهِ فِي الْمَهْدِ وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لَهُمَا فَانْقَطَعَ اللَّبَنُ فَالْمَذْهَبُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ فِي الْإِرْضَاعِ دُونَ الْحَضَانَةِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ حِبْرٌ وَخَيْطٌ وَكُحْلٌ عَلَى وَرَّاقٍ وَخَيَّاطٍ وَكَحَّالٍ. قُلْت: صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الرُّجُوعَ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ، فَإِنْ اضْطَرَبَتْ وَجَبَ الْبَيَانُ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
يَجِبُ تَسْلِيمُ مِفْتَاحِ الدَّارِ إلَى الْمُكْتَرِي، وَعِمَارَتُهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ، فَإِنْ بَادَرَ وَأَصْلَحَهَا، وَإِلَّا فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ، وَكَسْحُ الثَّلْجِ عَنْ السَّطْحِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، وَتَنْظِيفُ عَرْصَةِ الدَّارِ عَنْ ثَلْجٍ وَكُنَاسَةٍ عَلَى الْمُكْتَرِي. وَإِنْ أَجَّرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ إكَافٌ وَبَرْذَعَةٌ وَحِزَامٌ وَثَفَرٌ وَبُرَةٌ وَخِطَامٌ، وَعَلَى الْمُكْتَرِي مَحْمِلٌ وَمِظَلَّةٌ وَوِطَاءٌ وَغِطَاءٌ وَتَوَابِعُهَا، وَالْأَصَحُّ فِي السَّرْجِ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ، وَظَرْفُ الْمَحْمُولِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَعَلَى الْمُكْتَرِي فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ الْخُرُوجُ مَعَ الدَّابَّةِ لِتَعَهُّدِهَا، وَإِعَانَةُ الرَّاكِبِ فِي رُكُوبِهِ وَنُزُولِهِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَرَفْعُ الْمَحْمِلِ وَحَطُّهُ، وَشَدُّ الْمَحْمِلِ وَحَلُّهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ إلَّا التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمُكْتَرِي وَالدَّابَّةِ. وَتَنْفَسِخُ إجَارَةُ الْعَيْنِ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِعَيْبِهَا، وَلَا خِيَارَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِبْدَالُ، وَالطَّعَامُ الْمَحْمُولُ لِيُؤْكَلَ يُبْدَلُ إذَا أُكِلَ فِي الْأَظْهَرِ.
يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا. وَفِي قَوْلٍ لَا يُزَادُ عَلَى سَنَةٍ وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثِينَ وَلَلْمُكْتَرِي اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ فَيُرْكِبُ وَيُسَكِّنُ مِثْلَهُ، وَلَا يُسَكِّنُ حَدَّادًا وَقَصَّارًا، وَمَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ كَدَارٍ وَدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يُبْدَلُ، وَمَا يُسْتَوْفَى بِهِ كَثَوْبٍ وَصَبِيٍّ عُيِّنَ لِلْخَيَّاطَةِ وَالِارْتِضَاعِ يَجُوزُ إبْدَالُهُ فِي الْأَصَحِّ. وَيَدُ الْمُكْتَرِي عَلَى الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ يَدُ أَمَانَةٍ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ وَكَذَا بَعْدَهَا فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ رَبَطَ دَابَّةً اكْتَرَاهَا لِحَمْلٍ أَوْ رُكُوبٍ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إذَا انْهَدَمَ عَلَيْهَا إصْطَبْلٌ فِي وَقْتٍ لَوْ انْتَفَعَ بِهَا لَمْ يُصِبْهَا الْهَدْمُ. وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ أَجِيرٍ بِلَا تَعَدٍّ كَثَوْبٍ اُسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَتِهِ أَوْ صَبْغِهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْيَدِ بِأَنْ قَعَدَ الْمُسْتَأْجِرُ مَعَهُ أَوْ أَحْضَرَهُ مَنْزِلَهُ، وَكَذَا إنْ انْفَرَدَ فِي أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ، وَالثَّالِثُ يَضْمَنُ الْمُشْتَرَكُ، وَهُوَ مَنْ الْتَزَمَ عَمَلاً فِي ذِمَّتِهِ، لَا الْمُنْفَرِدُ، وَهُوَ مَنْ أَجَرَ نَفْسَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً لِعَمَلٍ وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ أَوْ خَيَّاطٍ لِيَخِيطَهُ فَفَعَلَ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ أُجْرَةً فَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَقِيلَ لَهُ، وَقِيلَ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ الْعَمَلِ فَلَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ يُسْتَحْسَنُ. وَلَوْ تَعَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنْ ضَرَبَ الدَّابَّةَ أَوْ كَبَحَهَا فَوْقَ الْعَادَةِ أَوْ أَرْكَبَهَا أَثْقَلَ مِنْهُ أَوْ أَسْكَنَ حَدَّادًا أَوْ قَصَّارًا ضَمِنَ الْعَيْنَ، وَكَذَا لَوْ اكْتَرَى لِحَمْلِ مِائَةِ رِطْلٍ مِنْ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ مِائَةً شَعِيرًا أَوْ عَكَسَ أَوْ لِعَشَرَةِ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ فَحَمَلَ حِنْطَةً دُونَ عَكْسِهِ. وَلَوْ اكْتَرَى لِمِائَةٍ فَحَمَلَ مِائَةً وَعَشَرَةً لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ، وَإِنْ تَلِفَتْ بِذَلِكَ ضَمِنَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا مَعَهَا، فَإِنْ كَانَ ضَمِنَ قِسْطَ الزِّيَادَةِ وَفِي قَوْلٍ نِصْفَ الْقِيمَةِ، وَلَوْ سَلَّمَ الْمِائَةَ وَالْعَشَرَةَ إلَى الْمُؤَجِّرِ فَحَمَّلَهَا جَاهِلاً ضَمِنَ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَوْ وَزَنَ الْمُؤَجِّرُ وَحَمَّلَ فَلَا أُجْرَةَ لِلزِّيَادَةِ، وَلَا يَضْمَنُ إنْ تَلِفَتْ. وَلَوْ أَعْطَاهُ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ فَخَاطَهُ قَبَاءً وَقَالَ أَمَرْتنِي بِقَطْعِهِ قَبَاءً فَقَالَ بَلْ قَمِيصًا فَالْأَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ بِيَمِينِهِ، وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْخَيَّاطِ أَرْشُ النَّقْصِ.
لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِعُذْرٍ؛ كَتَعَذُّرِ وَقُودِ حَمَّامٍ وَسَفَرٍ وَمَرَضِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ لِسَفَرٍ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِزِرَاعَةِ فَزَرَعَ فَهَلَكَ الزَّرْعُ بِجَائِحَةٍ فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَلَا حَطُّ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الدَّابَّةِ وَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنَيْنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا الْمَاضِي فِي الْأَظْهَرِ، فَيَسْتَقِرُّ قِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى، وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ، وَلَوْ آجَرَ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا، أَوْ الْوَلِيُّ صَبِيًّا مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ فَبَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ فَالْأَصَحُّ انْفِسَاخُهَا فِي الْوَقْفِ لَا الصَّبِيِّ. وَأَنَّهَا تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِ الدَّارِ. لَا انْقِطَاعِ مَاءِ أَرْضٍ اُسْتُؤْجِرَتْ لِزِرَاعَةٍ، بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ، وَغَصْبُ الدَّابَّةِ وَإِبَاقُ الْعَبْدِ يُثْبِتُ الْخِيَارَ. وَلَوْ أَكْرَى جِمَالاً وَهَرَبَ وَتَرَكَهَا عِنْدَ الْمُكْتَرِي رَاجَعَ الْقَاضِيَ لِيَمُونَهَا مِنْ مَالِ الْجَمَّالِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالاً اقْتَرَضَ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَثِقَ بِالْمُكْتَرِي دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَإِلَّا جَعَلَهُ عِنْدَ ثِقَةٍ، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا قَدْرَ النَّفَقَةِ، وَلَوْ أَذِنَ لِلْمُكْتَرِي فِي الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ جَازَ فِي الْأَظْهَرِ. وَمَتَى قَبَضَ الْمُكْتَرِي الدَّابَّةَ أَوْ الدَّارَ وَأَمْسَكَهَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ، وَكَذَا لَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبٍ إلَى مَوْضِعٍ وَقَبَضَهَا وَمَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَيْهِ، وَسَوَاءٌ فِيهِ إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ إذَا سَلَّمَ الدَّابَّةَ الْمَوْصُوفَةَ وَتَسْتَقِرُّ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْمُسَمَّى فِي الصَّحِيحَةِ. وَلَوْ أَكْرَى عَيْنًا مُدَّةً وَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتْ انْفَسَخَتْ، وَلَوْ لَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةً وَأَجَّرَ لِرُكُوبٍ إلَى مَوْضِعٍ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ السَّيْرِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ. وَلَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَأَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْعَبْدِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَةِ مَا بَعْدَ الْعِتْقِ. وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْتَأْجَرَةِ لَلْمُكْتَرِي، وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ جَازَ فِي الْأَظْهَرِ وَلَا تَنْفَسِخُ.
الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تُعَمَّرْ قَطُّ إنْ كَانَتْ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ؛ فَلِلْمُسْلِمِ تَمَلُّكُهَا بِالْإِحْيَاءِ. وَلَيْسَ هُوَ لِذِمِّيٍّ. وَإِنْ كَانَتْ بِبِلَادِ الْكُفَّارِ فَلَهُمْ إحْيَاؤُهَا، وَكَذَا لِلْمُسْلِمِ إنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَذُبُّونَ الْمُسْلِمِينَ عَنْهَا. وَمَا كَانَ مَعْمُورًا فَلِمَالِكِهِ. فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ وَالْعِمَارَةُ إسْلَامِيَّةٌ فَمَالٌ ضَائِعٌ. وَإِنْ كَانَتْ جَاهِلِيَّةً فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ. وَلَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ حَرِيمٌ مَعْمُورٌ، وَهُوَ مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِتَمَامِ الِانْتِفَاعِ، فَحَرِيمُ الْقَرْيَةِ النَّادِي، وَمُرْتَكَضُ الْخَيْلِ، وَمُنَاخُ الْإِبِلِ، وَمَطْرَحُ الرَّمَادِ وَنَحْوُهَا، وَحَرِيمُ الْبِئْرِ فِي الْمَوَاتِ مَوْقِفُ النَّازِحِ، وَالْحَوْضُ، وَالدُّولَابُ، وَمُجْتَمَعُ الْمَاءِ، وَمُتَرَدِّدُ الدَّابَّةِ، وَحَرِيمُ الدَّارِ فِي الْمَوَاتِ مَطْرَحُ رَمَادٍ وَكُنَاسَةٌ وَثَلْجٌ، وَمَمَرٌّ فِي صَوْبِ الْبَابِ، وَحَرِيمُ آبَارِ الْقَنَاةِ مَا لَوْ حُفِرَ فِيهِ نَقَصَ مَاؤُهَا أَوْ خِيفَ الِانْهِيَارُ وَالدَّارُ الْمَحْفُوفَةُ بِدُورٍ لَا حَرِيمَ لَهَا، وَيَتَصَرَّفُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ، فَإِنْ تَعَدَّى ضَمِنَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَ دَارِهِ الْمَحْفُوفَةَ بِمَسَاكِنَ حَمَّامًا وَإِصْطَبْلاً، وَحَانُوتَهُ فِي الْبَزَّازِينَ حَانُوتَ حَدَّادٍ إذَا احْتَاطَ وَأَحْكَمِ الْجُدْرَانَ. وَيَجُوزُ إحْيَاءُ مَوَاتِ الْحَرَمِ، دُونَ عَرَفَاتٍ فِي الْأَصَحِّ قُلْت: وَمُزْدَلِفَةُ وَمِنًى كَعَرَفَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَخْتَلِفُ الْإِحْيَاءُ بِحَسَبِ الْغَرَضِ فَإِنْ أَرَادَ مَسْكَنًا اشْتَرَطَ تَحْوِيطَ الْبُقْعَةِ وَسَقْفَ بَعْضِهَا وَتَعْلِيقَ باب، وَفِي الْبَابِ وَجْهٌ أَوْ زَرِيبَةَ دَوَابَّ فَتَحْوِيطٌ لَا سَقْفٌ، وَفِي الْبَابِ الْخِلَافُ. أَوْ مَزْرَعَةً فَجَمْعُ التُّرَابِ حَوْلَهَا، وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَتَرْتِيبُ مَاءٍ لَهَا إنْ لَمْ يَكْفِهَا الْمَطَرُ، الْمُعْتَادُ، لَا الزِّرَاعَةُ فِي الْأَصَحِّ. أَوْ بُسْتَانًا فَجَمْعُ التُّرَابِ، وَالتَّحْوِيطُ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ وَتَهْيِئَةُ مَاءٍ، وَيُشْتَرَطُ الْغَرْسُ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَمَنْ شَرَعَ فِي عَمَلِ إحْيَاءٍ وَلَمْ يُتِمَّهُ أَوْ أَعْلَمَ عَلَى بُقْعَةٍ بِنَصْبِ أَحْجَارٍ أَوْ غَرَزَ خَشَبًا فَمُتَحَجِّرٌ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَأَنَّهُ لَوْ أَحْيَاهُ آخَرُ مَلَكَهُ. وَلَوْ طَالَتْ مُدَّةُ التَّحَجُّرِ قَالَ لَهُ السُّلْطَانُ أَحْيِ أَوْ اُتْرُكْ، فَإِنْ اسْتَمْهَلَ أُمْهِلَ مُدَّةً قَرِيبَةً. وَلَوْ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ مَوَاتًا صَارَ أَحَقَّ بِإِحْيَائِهِ كَالْمُتَحَجِّرِ. وَلَا يُقْطِعُ إلَّا قَادِرًا عَلَى الْإِحْيَاءِ، وَقَدْرًا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَكَذَا التَّحَجُّرُ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْمِيَ بُقْعَةَ مَوَاتٍ لِرَعْيِ نَعَمِ جِزْيَةٍ وَصَدَقَةٍ وَضَالَّةٍ وَضَعِيفٍ عَنْ النُّجْعَةِ، وَأَنَّ لَهُ نَقْضَ مَا حَمَاهُ لِلْحَاجَةِ. وَلَا يَحْمِي لِنَفْسِهِ.
مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ الْمُرُورُ، وَيَجُوزُ الْجُلُوسُ بِهِ لِاسْتِرَاحَةٍ وَمُعَامَلَةٍ وَنَحْوِهِمَا إذَا لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى الْمَارَّةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الْإِمَامِ وَلَهُ تَظْلِيلُ مَقْعَدِهِ بِبَارِيَّةٍ وَغَيْرِهَا وَلَوْ سَبَقَ إلَيْهِ اثْنَانِ أُقْرِعَ، وَقِيلَ يُقَدِّمُ الْإِمَامُ بِرَأْيِهِ. وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ لِلْمُعَامَلَةِ ثُمَّ فَارَقَهُ تَارِكًا لِلْحِرْفَةِ أَوْ مُنْتَقِلاً إلَى غَيْرِهِ بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِنْ فَارَقَهُ لِيَعُودَ لَمْ يَبْطُلْ إلَّا أَنْ تَطُولَ مُفَارَقَتُهُ بِحَيْثُ يَنْقَطِعُ مُعَامِلُوهُ عَنْهُ وَيَأْلَفُونَ غَيْرَهُ. وَمَنْ أَلِفَ مِنْ الْمَسْجِدِ مَوْضِعًا يُفْتِي فِيهِ وَيُقْرِئُ كَالْجَالِسِ فِي شَارِعٍ لِمُعَامَلَةٍ، وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ لِصَلَاةٍ لَمْ يَصِرْ أَحَقَّ بِهِ فِي غَيْرِهَا، فَلَوْ فَارَقَهُ لِحَاجَةٍ لِيَعُودَ لَمْ يَبْطُلْ اخْتِصَاصُهُ، فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ إزَارَهُ. وَلَوْ سَبَقَ رَجُلٌ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ رِبَاطٍ مُسَبَّلٍ أَوْ فَقِيهٌ إلَى مَدْرَسَةٍ، أَوْ صُوفِيٌّ إلَى خَانْقَاهْ لَمْ يُزْعَجْ، وَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِخُرُوجِهِ لِشِرَاءِ حَاجَةٍ وَنَحْوِهِ.
الْمَعْدِنُ الظَّاهِرُ وَهُوَ مَا خَرَجَ بِلَا عِلَاجٍ كَنِفْطٍ وَكِبْرِيتٍ وَقَارٍ وَمُومْيَاءَ وَبِرَامٍ وَأَحْجَارِ رَحًى لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ اخْتِصَاصٌ بِتَحَجُّرٍ وَلَا إقْطَاعٍ فَإِنْ ضَاقَ نَيْلُهُ قُدِّمَ السَّابِقُ إلَيْهِ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ فَإِنْ طَلَبَ زِيَادَةً فَالْأَصَحُّ إزْعَاجُهُ، فَلَوْ جَاءَا مَعًا أُقْرِعَ فِي الْأَصَحِّ. وَالْمَعْدِنُ الْبَاطِنُ وَهُوَ مَا لَا يَخْرُجُ إلَّا بِعِلَاجٍ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ لَا يُمْلَكُ بِالْحَفْرِ وَالْعَمَلِ فِي الْأَظْهَرِ وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَظَهَرَ فِيهِ مَعْدِنٌ بَاطِنٌ مَلَكَهُ وَالْمِيَاهُ الْمُبَاحَةُ مِنْ الْأَوْدِيَةِ وَالْعُيُونِ فِي الْجِبَالِ يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهَا. فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرَضِيهِمْ مِنْهَا فَضَاقَ سُقِيَ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى وَحَبَسَ كُلُّ وَاحِدٍ الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ ارْتِفَاعٌ وَانْخِفَاضٌ أُفْرِدَ كُلُّ طَرَفٍ بِسَقْيٍ وَمَا أُخِذَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ فِي إنَاءٍ مُلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَحَافِرُ بِئْرٍ بِمَوَاتٍ لِلِارْتِفَاقِ أَوْلَى بِمَائِهَا حَتَّى يَرْتَحِلَ. وَالْمَحْفُورَةُ لِلتَّمَلُّكِ أَوْ فِي مِلْكٍ يَمْلِكُ مَاءَهَا فِي الْأَصَحِّ، وَسَوَاءٌ مَلَكَهُ أَمْ لَا لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ لِزَرْعٍ، وَيَجِبُ لِمَاشِيَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَالْقَنَاةُ الْمُشْتَرَكَةُ يُقْسَمُ مَاؤُهَا بِنَصْبِ خَشَبَةٍ فِي عُرْضِ النَّهْرِ فِيهَا ثُقَبٌ مُتَسَاوِيَةٌ أَوْ مُتَفَاوِتَةٌ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ، وَلَهُمْ الْقِسْمَةُ مُهَايَأَةً
شَرْطُ الْوَاقِفِ صِحَّةُ عِبَارَتِهِ وَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ. وَالْمَوْقُوفِ دَوَامُ الِانْتِفَاعِ بِهِ. لَا مَطْعُومٌ وَرَيْحَانٌ. وَيَصِحُّ وَقْفُ عَقَارٍ وَمَنْقُولٍ وَمُشَاعٌ لَا عَبْدٌ وَثَوْبٌ فِي الذِّمَّةِ. وَلَا وَقْفُ حُرِّ نَفْسِهِ. وَكَذَا مُسْتَوْلَدَةٌ وَكَلْبٌ مُعَلَّمٌ وَأَحَدُ عَبْدَيْهِ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ وَقَفَ بِنَاءً أَوْ غَرْسًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُمَا فَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ فَإِنْ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَاحِدٍ أَوْ جَمْعٍ اُشْتُرِطَ إمْكَانُ تَمْلِيكِهِ فَلَا يَصِحُّ عَلَى جَنِينٍ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ، فَلَوْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ عَلَيْهِ فَهُوَ وَقْفٌ عَلَى سَيِّدِهِ. وَلَوْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ عَلَى بَهِيمَةٍ لَغَا، وَقِيلَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى مَالِكِهَا وَيَصِحُّ عَلَى ذِمِّيٍّ لَا مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَنَفْسِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ وَقَفَ عَلَى جِهَةِ مَعْصِيَةٍ كَعِمَارَةِ الْكَنَائِسِ فَبَاطِلٌ أَوْ جِهَةِ قُرْبَةٍ كَالْفُقَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمَسَاجِدِ، وَالْمَدَارِسِ صَحَّ أَوْ جِهَةٍ لَا تَظْهَرُ فِيهَا الْقُرْبَةُ كَالْأَغْنِيَاءِ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ. وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِلَفْظٍ. وَصَرِيحُهُ وَقَفْت كَذَا أَوْ أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ، وَالتَّسْبِيلُ وَالتَّحْبِيسُ صَرِيحَانِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ قَالَ تَصَدَّقْت بِكَذَا صَدَقَةً مُحَرَّمَةً أَوْ مَوْقُوفَةً أَوْ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ فَصَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ تَصَدَّقْت فَقَطْ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَإِنْ نَوَى إلَّا أَنْ يُضِيفَ إلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ وَيَنْوِيَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ حَرَّمْتُهُ أَوْ أَبَّدْتُهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ، وَأَنَّ قَوْلَهُ جَعَلْت الْبُقْعَةَ مَسْجِدًا تَصِيرُ بِهِ مَسْجِدًا. وَأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولُهُ. وَلَوْ رَدَّ بَطَلَ حَقُّهُ شَرَطْنَا الْقَبُولَ أَمْ لَا. وَلَوْ قَالَ وَقَفْت هَذَا سَنَةً فَبَاطِلٌ، وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي أَوْ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ نَسْلِهِ وَلَمْ يَزِدْ فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْوَقْفِ فَإِذَا انْقَرَضَ الْمَذْكُورُ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَبْقَى وَقْفًا، وَأَنَّ مَصْرِفَهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ يَوْمَ انْقِرَاضِ الْمَذْكُورِ. وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ كَوَقَفْتُهُ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ. أَوْ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ كَوَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ رَجُلٍ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ، فَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ. وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَقَفْت فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ. وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ زَيْدٌ فَقَدْ وَقَفْت. وَلَوْ وَقَفَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ بَطَلَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ اُتُّبِعَ شَرْطُهُ، وَأَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي وَقْفِ الْمَسْجِدِ اخْتِصَاصَهُ بِطَائِفَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ اُخْتُصَّ كَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى شَخْصَيْنِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ أَنَّ نَصِيبَهُ يُصْرَفُ إلَى الْآخَرِ.
قَوْلُهُ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي- يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْكُلِّ وَكَذَا لَوْ زَادَ مَا تَنَاسَلُوا أَوْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ. وَلَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا، أَوْ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى أَوْ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ فَهُوَ لِلتَّرْتِيبِ. وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ فِي الْأَصَحِّ وَيَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ وَالْعَقِبِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَلَى مَنْ يَنْتَسِبُ إلَيَّ مِنْهُمْ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ وَلَهُ مُعْتِقٌ وَمُعْتَقٌ قُسِمَ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ يَبْطُلُ، وَالصِّفَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى جُمَلٍ مَعْطُوفَةٍ تُعْتَبَرُ فِي الْكُلِّ كَوَقَفْت عَلَى مُحْتَاجِي أَوْلَادِي وَأَحْفَادِي وَإِخْوَتِي، وَكَذَا الْمُتَأَخِّرَةُ عَلَيْهَا، وَالِاسْتِثْنَاءُ إذَا عُطِفَ بِوَاوٍ: كَقَوْلِهِ عَلَى أَوْلَادِي وَأَحْفَادِي وَإِخْوَتِي الْمُحْتَاجِينَ أَوْ إلَّا أَنْ يَفْسُقَ بَعْضُهُمْ.
الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمِلْكَ فِي رَقَبَةِ الْمَوْقُوفِ يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَيْ يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ، فَلَا يَكُونُ لِلْوَاقِفِ وَلَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. وَمَنَافِعُهُ مِلْكٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ، وَيَمْلِكُ الْأُجْرَةَ وَفَوَائِدُهُ كَثَمَرَةٍ وَصُوفٍ وَلَبَنٍ، وَكَذَا الْوَلَدُ فِي الْأَصَحِّ، وَالثَّانِي يَكُونُ وَقْفًا وَلَوْ مَاتَتْ الْبَهِيمَةُ اخْتَصَّ بِجِلْدِهَا وَلَهُ مَهْرُ الْجَارِيَةِ إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ إنْ صَحَّحْنَاهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ إذَا أُتْلِفَ بَلْ يُشْتَرَى بِهَا عَبْدٌ لِيَكُونَ وَقْفًا مَكَانَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبَعْضُ عَبْدٍ. وَلَوْ جَفَّتْ الشَّجَرَةُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْوَقْفُ عَلَى الْمَذْهَبِ، بَلْ يُنْتَفَعُ بِهَا جِذْعًا، وَقِيلَ تُبَاعُ، وَالثَّمَنُ كَقِيمَةِ الْعَبْدِ. وَالْأَصَحُّ جَوَازُ بَيْعِ حُصْرِ الْمَسْجِدِ إذَا بَلِيَتْ وَجُذُوعِهِ إذَا انْكَسَرَتْ وَلَمْ تَصْلُحْ إلَّا لِلْإِحْرَاقِ. وَلَوْ انْهَدَمَ مَسْجِدٌ وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ لَمْ يُبَعْ بِحَالٍ.
إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ اُتُّبِعَ، وَإِلَّا فَالنَّظَرُ لِلْقَاضِي عَلَى الْمَذْهَبِ. وَشَرْطُ النَّاظِرِ الْعَدَالَةُ وَالْكِفَايَةُ، وَالِاهْتِدَاءُ إلَى التَّصَرُّفِ. وَوَظِيفَتُهُ الْعِمَارَةُ وَالْإِجَارَةُ وَتَحْصِيلُ الْغَلَّةِ وَقِسْمَتُهَا فَإِنْ فَوَّضَ إلَيْهِ بَعْضَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَمْ يَتَعَدَّهُ. وَلِلْوَاقِفِ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ، وَنَصْبُ غَيْرِهِ. إلَّا أَنْ يَشْرِطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ. وَإِذَا أَجَّرَ النَّاظِرُ فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ.
التَّمْلِيكُ بِلَا عِوَضٍ هِبَةٌ فَإِنْ مَلَّكَ مُحْتَاجًا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ فَصَدَقَةٌ، فَإِنْ نَقَلَهُ إلَى مَكَانِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إكْرَامًا لَهُ فَهَدِيَّةٌ. وَشَرْطُ الْهِبَةِ إيجَابٌ وَقَبُولٌ لَفْظًا. وَلَا يُشْتَرَطَانِ فِي الْهَدِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ، بَلْ يَكْفِي الْبَعْثُ مِنْ هَذَا وَالْقَبْضُ مِنْ ذَاكَ. وَلَوْ قَالَ أَعَمَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ فَإِذَا مِتَّ فَهِيَ لِوَرَثَتِك فَهِيَ هِبَةٌ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَعَمَرْتُك فَكَذَا فِي الْجَدِيدِ، وَلَوْ قَالَ فَإِذَا مِتُّ عَادَتْ إلَيَّ فَكَذَا فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ: أَرْقَبْتُكَ أَوْ جَعَلْتُهَا لَك رُقْبَى: أَيْ إنْ مِتَّ قَبْلِي عَادَتْ إلَيَّ، وَإِنْ مِتُّ قَبْلَك اسْتَقَرَّتْ لَك فَالْمَذْهَبُ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ. وَمَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ هِبَتُهُ، وَمَا لَا كَمَجْهُولٍ وَمَغْصُوبٍ وَضَالٍّ فَلَا إلَّا حَبَّتَيْ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهِمَا. وَهِبَةُ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ إبْرَاءٌ وَلِغَيْرِهِ بَاطِلَةٌ فِي الْأَصَحِّ. وَلَا يُمْلَكُ مَوْهُوبٌ إلَّا بِقَبْضٍ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ. فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، وَقِيلَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ. وَيُسَنُّ لِلْوَالِدِ الْعَدْلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ بِأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَقِيلَ كَقِسْمَةِ الْإِرْثِ. وَلِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَةِ وَلَدِهِ وَكَذَا لِسَائِرِ الْأُصُولِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَشَرْطُ رُجُوعِهِ بَقَاءُ الْمَوْهُوبِ فِي سَلْطَنَةِ الْمُتَّهَبِ فَيَمْتَنِعُ بِبَيْعِهِ وَوَقْفِهِ، لَا بِرَهْنِهِ وَهِبَتِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَتَعْلِيقِ عِتْقِهِ وَتَزْوِيجِهَا وَزِرَاعَتِهَا، وَكَذَا الْإِجَارَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ وَعَادَ لَمْ يَرْجِعْ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ زَادَ رَجَعَ فِيهِ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ لَا الْمُنْفَصِلَةِ. وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِرَجَعْت فِيمَا وَهَبْتُ أَوْ اسْتَرْجَعْتُهُ أَوْ رَدَدْتُهُ إلَى مِلْكِي أَوْ نَقَضْتُ الْهِبَةَ. لَا بِبَيْعِهِ وَوَقْفِهِ وَهِبَتِهِ وَإِعْتَاقِهِ وَوَطْئِهَا فِي الْأَصَحِّ. وَلَا رُجُوعَ لِغَيْرِ الْأُصُولِ فِي هِبَةٍ مُقَيَّدَةٍ بِنَفْيِ الثَّوَابِ. وَمَتَى وَهَبَ مُطْلَقًا فَلَا ثَوَابَ إنْ وَهَبَ لِدُونِهِ، وَكَذَا لِأَعْلَى مِنْهُ فِي الْأَظْهَرِ، وَلِنَظِيرِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَإِنْ وَجَبَ فَهُوَ قِيمَةُ الْمَوْهُوبِ فِي الْأَصَحِّ. فَإِنْ لَمْ يُثِبْهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ، وَلَوْ وَهَبَ بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْعَقْدِ، وَيَكُونُ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ، أَوْ مَجْهُولٍ فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ. وَلَوْ بَعَثَ هَدِيَّةً فِي ظَرْفٍ فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ كَقَوْصَرَّةِ تَمْرٍ فَهُوَ هَدِيَّةٌ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا، وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ إلَّا فِي أَكْلِ الْهَدِيَّةِ مِنْهُ إنْ اقْتَضَتْهُ الْعَادَةُ.
يُسْتَحَبُّ الِالْتِقَاطُ لِوَاثِقٍ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ، وَقِيلَ يَجِبُ، وَلَا يُسْتَحَبُّ لِغَيْرِ وَاثِقٍ، وَيَجُوزُ فِي الْأَصَحِّ. وَيُكْرَهُ لِفَاسِقٍ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى الِالْتِقَاطِ. وَأَنَّهُ يَصِحُّ الْتِقَاطُ الْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ وَالذِّمِّيِّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُنْزَعُ مِنْ الْفَاسِقِ وَيُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ، وَأَنَّهُ لَا يُعْتَمَدُ تَعْرِيفُهُ، بَلْ يُضَمُّ إلَيْهِ رَقِيبٌ، وَيَنْزِعُ الْوَلِيُّ لُقَطَةَ الصَّبِيِّ وَيُعَرِّفُ وَيَتَمَلَّكُهَا لِلصَّبِيِّ إنْ رَأَى ذَلِكَ حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ لَهُ، وَيَضْمَنُ الْوَلِيُّ إنْ قَصَّرَ فِي انْتِزَاعِهِ حَتَّى تَلِفَ فِي يَدِ الصَّبِيِّ. وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُ الْتِقَاطِ الْعَبْدِ وَلَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ فَلَوْ أَخَذَهُ سَيِّدُهُ مِنْهُ كَانَ الْتِقَاطًا. قُلْتُ: الْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْتِقَاطِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً. وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ، وَهِيَ لَهُ وَلِسَيِّدِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً فَلِصَاحِبِ النَّوْبَةِ فِي الْأَظْهَرِ، وَكَذَا حُكْمُ سَائِرِ النَّادِرِ مِنْ الْأَكْسَابِ وَالْمُؤَنِ إلَّا أَرْشَ الْجِنَايَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَيَوَانُ الْمَمْلُوكُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ بِقُوَّةٍ؛ كَبَعِيرٍ وَفَرَسٍ أَوْ بِعَدْوٍ كَأَرْنَبٍ وَظَبْيٍ، أَوْ طَيَرَانٍ كَحَمَامٍ إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ فَلِلْقَاضِي الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ وَكَذَا لِغَيْرِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَيَحْرُمُ الْتِقَاطُهُ لِتَمَلُّكٍ، وَإِنْ وُجِدَ بِقَرْيَةٍ فَالْأَصَحُّ جَوَازُ الْتِقَاطِهِ لِلتَّمَلُّكِ، وَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا كَشَاةٍ يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ فِي الْقَرْيَةِ وَالْمَفَازَةِ، وَيَتَخَيَّرُ آخِذُهُ مِنْ مَفَازَةٍ فَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهُ وَتَمَلَّكَهُ أَوْ بَاعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ وَعَرَّفَهَا ثُمَّ تَمَلَّكَهُ أَوْ أَكَلَهُ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْعُمْرَانِ فَلَهُ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ لَا الثَّالِثَةُ فِي الْأَصَحِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَلْتَقِطَ عَبْدًا لَا يُمَيِّزُ. وَيَلْتَقِطَ غَيْرَ الْحَيَوَانِ فَإِنْ كَانَ يَسْرُعُ فَسَادُهُ كَهَرِيسَةٍ فَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ وَعَرَّفَهُ لِيَتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ وَإِنْ شَاءَ تَمَلَّكَهُ فِي الْحَالِ وَأَكَلَهُ، وَقِيلَ إنْ وَجَدَهُ فِي عُمْرَانٍ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَإِنْ أَمْكَنَ بَقَاؤُهُ بِعِلَاجٍ كَرُطَبٍ يَتَجَفَّفُ فَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي بَيْعِهِ بِيعَ، أَوْ فِي تَجْفِيفِهِ وَتَبَرَّعَ بِهِ الْوَاجِدُ جَفَّفَهُ، وَإِلَّا بِيعَ بَعْضُهُ لِتَجْفِيفِ الْبَاقِي. وَمَنْ أَخَذَ لُقَطَةً لِلْحِفْظِ أَبَدًا فَهِيَ أَمَانَةٌ، فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْقَاضِي لَزِمَهُ الْقَبُولُ وَلَمْ يُوجِبْ الْأَكْثَرُونَ التَّعْرِيفَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، فَلَوْ قَصَدَ بَعْدَ ذَلِكَ خِيَانَةً لَمْ يَصِرْ ضَامِنًا فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ أَخَذَ بِقَصْدِ الْخِيَانَةِ فَضَامِنٌ، وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَهُ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ أَخَذَ لِيُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ فَأَمَانَةٌ مُدَّةَ التَّعْرِيفِ، وَكَذَا بَعْدَهَا مَا لَمْ يَخْتَرْ التَّمَلُّكَ فِي الْأَصَحِّ. وَيَعْرِفُ جِنْسَهَا وَصِفَتَهَا وَقَدْرَهَا وَعِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ يُعَرِّفُهَا فِي الْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا سَنَةً عَلَى الْعَادَةِ يُعَرِّفُ أَوَّلاً كُلَّ يَوْمٍ طَرَفَيْ النَّهَارِ ثُمَّ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً ثُمَّ كُلَّ أُسْبُوعٍ ثُمَّ كُلَّ شَهْرٍ، وَلَا تَكْفِي سَنَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْأَصَحِّ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ تَكْفِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَذْكُرُ بَعْضَ أَوْصَافِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ إنْ أَخَذَ لِحِفْظٍ، بَلْ يُرَتِّبُهَا الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يَقْتَرِضُ عَلَى الْمَالِكِ. وَإِنْ أَخَذَ لِتَمَلُّكٍ لَزِمَتْهُ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يَتَمَلَّكْ فَعَلَى الْمَالِكِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْحَقِيرَ لَا يُعَرَّفُ سَنَةً بَلْ زَمَنًا يُظَنُّ أَنَّ فَاقِدَهُ يُعْرِضُ عَنْهُ غَالِبًا.
إذَا عَرَّفَ سَنَةً لَمْ يَمْلِكْهَا حَتَّى يَخْتَارَهُ بِلَفْظٍ كَتَمَلَّكْت، وَقِيلَ تَكْفِي النِّيَّةُ، وَقِيلَ يَمْلِكُ بِمُضِيِّ السَّنَةِ فَإِنْ تَمَلَّكَ فَظَهَرَ الْمَالِكُ وَاتَّفَقَا عَلَى رَدِّ عَيْنِهَا فَذَاكَ، وَإِنْ أَرَادَهَا الْمَالِكُ وَأَرَادَ الْمُلْتَقِطُ الْعُدُولَ إلَى بَدَلِهَا أُجِيبَ الْمَالِكُ فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ تَلِفَتْ غَرِمَ مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّمَلُّكِ، وَإِنْ نَقَصَتْ بِعَيْبٍ فَلَهُ أَخْذُهَا مَعَ الْأَرْشِ فِي الْأَصَحِّ. وَإِذَا ادَّعَاهَا رَجُلٌ وَلَمْ يَصِفْهَا وَلَا بَيِّنَةَ لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ، وَإِنْ وَصَفَهَا وَظَنَّ صِدْقَهُ جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَإِنْ دَفَعَ فَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِهَا حُوِّلَتْ إلَيْهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ فَلِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ، وَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ. قُلْت: لَا تَحِلُّ لُقَطَةُ الْحَرَمِ لِلتَّمَلُّكِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا قَطْعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ وِلَايَةُ الِالْتِقَاطِ لِمُكَلَّفٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ عَدْلٍ رَشِيدٍ. وَلَوْ الْتَقَطَ عَبْدٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ اُنْتُزِعَ مِنْهُ، فَإِنْ عَلِمَهُ فَأَقَرَّهُ عِنْدَهُ أَوْ الْتَقَطَ بِإِذْنِهِ فَالسَّيِّدُ الْمُلْتَقِطُ. وَلَوْ الْتَقَطَ صَبِيٌّ أَوْ فَاسِقٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَوْ كَافِرٌ مُسْلِمًا اُنْتُزِعَ مِنْهُ. وَلَوْ ازْدَحَمَ اثْنَانِ عَلَى أَخْذِهِ جَعَلَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَإِنْ سَبَقَ وَاحِدٌ فَالْتَقَطَهُ مُنِعَ الْآخَرُ مِنْ مُزَاحَمَتِهِ، وَإِنْ الْتَقَطَاهُ مَعًا وَهُمَا أَهْلٌ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ غَنِيٌّ عَلَى فَقِيرٍ وَعَدْلٌ عَلَى مَسْتُورٍ. فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ. وَإِذَا وَجَدَ بَلَدِيٌّ لَقِيطًا بِبَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إلَى بَادِيَةٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ نَقْلَهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ. وَأَنَّ لِلْغَرِيبِ إذَا الْتَقَطَ بِبَلَدٍ أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى بَلَدِهِ، وَإِنْ وَجَدَهُ بِبَادِيَةٍ فَلَهُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ. وَإِنْ وَجَدَهُ بَدَوِيٌّ بِبَلَدٍ فَكَالْحَضَرِيِّ أَوْ بِبَادِيَةٍ أُقِرَّ بِيَدِهِ، وَقِيلَ إنْ كَانُوا يَنْتَقِلُونَ لِلنُّجْعَةِ لَمْ يُقَرَّ. وَنَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ الْعَامِّ كَوَقْفٍ عَلَى اللُّقَطَاءِ، أَوْ الْخَاصِّ وَهُوَ مَا اخْتَصَّ بِهِ كَثِيَابٍ مَلْفُوفَةٍ عَلَيْهِ وَمَفْرُوشَةٍ تَحْتَهُ وَمَا فِي جَيْبِهِ مِنْ دَرَاهِمَ وَغَيْرِهَا وَمَهْدِهِ وَدَنَانِيرَ مَنْثُورَةٍ فَوْقَهُ وَتَحْتَهُ. وَإِنْ وُجِدَ فِي دَارٍ فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ وَكَذَا ثِيَابٌ وَأَمْتِعَةٌ مَوْضُوعَةٌ بِقُرْبِهِ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَامَ الْمُسْلِمُونَ بِكِفَايَتِهِ قَرْضًا، وَفِي قَوْلٍ نَفَقَةً. وَلِلْمُلْتَقِطِ الِاسْتِقْلَالُ بِحِفْظِ مَالِهِ فِي الْأَصَحِّ وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي قَطْعًا.
إذَا وُجِدَ لَقِيطٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَفِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ أَوْ بِدَارٍ فَتَحُوهَا وَأَقَرُّوهَا بِيَدِ كُفَّارٍ صُلْحًا أَوْ بَعْدَ مِلْكِهَا بِجِزْيَةٍ، وَفِيهَا مُسْلِمٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ، وَإِنْ وُجِدَ بِدَارِ كُفَّارٍ فَكَافِرٌ إنْ لَمْ يَسْكُنْهَا مُسْلِمٌ وَإِنْ سَكَنَهَا مُسْلِمٌ كَأَسِيرٍ وَتَاجِرٍ فَمُسْلِمٌ فِي الْأَصَحِّ. وَمَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِالدَّارِ فَأَقَامَ ذِمِّيٌّ بَيِّنَةً بِنَسَبِهِ لَحِقَهُ وَتَبِعَهُ فِي الْكُفْرِ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الدَّعْوَى فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ، وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الصَّبِيِّ بِجِهَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ لَا تُفْرَضَانِ فِي لَقِيطٍ: إحْدَاهُمَا الْوِلَادَةُ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمًا وَقْتَ الْعُلُوقِ فَهُوَ مُسْلِمٌ، فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ كُفْرًا فَمُرْتَدٌّ، وَلَوْ عُلِّقَ بَيْنَ كَافِرَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ كُفْرًا فَمُرْتَدٌّ، وَفِي قَوْلٍ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ. الثَّانِيَةُ إذَا سَبَى مُسْلِمٌ طِفْلاً تَبِعَ السَّابِيَ فِي الْإِسْلَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ، وَلَوْ سَبَاهُ ذِمِّيٌّ لَمْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَلَا يَصِحُّ إسْلَامُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ اسْتِقْلَالاً عَلَى الصَّحِيحِ.
إذَا لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ بِرِقٍّ فَهُوَ حُرٌّ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ أَحَدٌ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ. وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِشَخْصٍ فَصَدَّقَهُ قُبِلَ إنْ لَمْ يَسْبِقْ إقْرَارٌ بِحُرِّيَّةٍ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَسْبِقَ تَصَرُّفٌ يَقْتَضِي نُفُوذُهُ حُرِّيَّةً كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ بَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي أَصْلِ الرِّقِّ وَأَحْكَامِهِ الْمُسْتَقْبَلَةِ لَا الْمَاضِيَةِ الْمُضِرَّةِ بِغَيْرِهِ فِي الْأَظْهَرِ. فَلَوْ لَزِمَهُ دَيْنٌ فَأَقَرَّ بِرِقٍّ وَفِي يَدِهِ مَالٌ قُضِيَ مِنْهُ. وَلَوْ ادَّعَى رِقَّهُ مَنْ لَيْسَ فِي يَدِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يُقْبَلْ، وَكَذَا إنْ ادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ فِي الْأَظْهَرِ. وَلَوْ رَأَيْنَا صَغِيرًا مُمَيِّزًا أَوْ غَيْرَهُ فِي يَدِ مَنْ يَسْتَرِقُّهُ وَلَمْ يُعْرَفْ اسْتِنَادُهَا إلَى الِالْتِقَاطِ حُكِمَ لَهُ بِالرِّقِّ، فَإِنْ بَلَغَ وَقَالَ: أَنَا حُرٌّ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ عُمِلَ بِهَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَتَعَرَّضَ الْبَيِّنَةُ لِسَبَبِ الْمِلْكِ، وَفِي قَوْلٍ يَكْفِي مُطْلَقُ الْمِلْكِ. وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ حُرٌّ مُسْلِمٌ لَحِقَهُ وَصَارَ أَوْلَى بِتَرْبِيَتِهِ، وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ عَبْدٌ لَحِقَهُ، وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ، وَإِنْ اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ لَمْ يَلْحَقْهَا فِي الْأَصَحِّ. أَوْ اثْنَانِ لَمْ يُقَدَّمْ مُسْلِمٌ وَحُرٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ وَعَبْدٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ تَحَيَّرَ أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أُمِرَ بِالِانْتِسَابِ بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَى مَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ مِنْهُمَا، وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُتَعَارِضَتَيْنِ سَقَطَتَا فِي الْأَظْهَرِ.
هِيَ كَقَوْلِهِ: مَنْ رَدَّ آبِقِي فَلَهُ كَذَا. وَيُشْتَرَطُ صِيغَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْعَمَلِ بِعِوَضٍ مُلْتَزَمٍ، فَلَوْ عَمِلَ بِلَا إذْنٍ أَوْ أَذِنَ لِشَخْصٍ فَعَمِلَ غَيْرُهُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ: مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ فَلَهُ كَذَا اسْتَحَقَّهُ الرَّادُّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ قَالَ: قَالَ زَيْدٌ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا وَكَانَ كَاذِبًا لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى زَيْدٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْعَامِلِ وَإِنْ عَيَّنَهُ. وَتَصِحُّ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ، وَكَذَا مَعْلُومٌ فِي الْأَصَحِّ. وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْجُعْلِ، مَعْلُومًا فَلَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّهُ فَلَهُ ثَوْبٌ أَوْ أُرْضِيهِ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَلِلرَّادِّ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. وَلَوْ قَالَ مِنْ بَلَدِ كَذَا فَرَدَّهُ مِنْ أَقْرَبَ مِنْهُ فَلَهُ قِسْطُهُ مِنْ الْجُعْلِ. وَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي رَدِّهِ اشْتَرَكَا فِي الْجُعْلِ. وَلَوْ الْتَزَمَ جُعْلاً لِمُعَيَّنٍ فَشَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْعَمَلِ إنْ قَصَدَ إعَانَتَهُ فَلَهُ كُلُّ الْجُعْلِ، وَإِنْ قَصَدَ الْعَمَلَ لِلْمَالِكِ فَلِلْأَوَّلِ قِسْطُهُ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُشَارِكِ بِحَالٍ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ. فَإِنْ فَسَخَ قَبْلَ الشُّرُوعِ أَوْ فَسَخَ الْعَامِلُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَإِنْ فَسَخَ الْمَالِكُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الْأَصَحِّ، وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَزِيدَ وَيَنْقُصَ فِي الْجُعْلِ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَفَائِدَتُهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ وُجُوبُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. وَلَوْ مَاتَ الْآبِقُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ أَوْ هَرَبَ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ وَإِذَا رَدَّهُ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِقَبْضِ الْجُعْلِ وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ إذَا أَنْكَرَ شَرْطَ الْجُعْلِ أَوْ سَعْيَهُ فِي رَدِّهِ. فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْجُعْلِ تَحَالَفَا.
يُبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ ثُمَّ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي، ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ. قُلْتُ: فَإِنْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ كَالزَّكَاةِ وَالْجَانِي وَالْمَرْهُونِ وَالْمَبِيعِ إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا قُدِّمَ عَلَى مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَسْبَابُ الْإِرْثِ أَرْبَعَةٌ: قَرَابَةٌ، وَنِكَاحٌ، وَوَلَاءٌ، فَيَرِثُ الْمُعْتِقُ الْعَتِيقَ وَلَا عَكْسَ، وَالرَّابِعُ: الْإِسْلَامُ فَتُصْرَفُ التَّرِكَةُ لِبَيْتِ الْمَالِ إرْثًا إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ بِالْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ. وَالْمُجْمَعُ عَلَى إرْثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ عَشَرَةٌ: الِابْنُ وَابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ، وَالْأَبُ وَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا، وَالْأَخُ وَابْنُهُ إلَّا مِنْ الْأُمِّ، وَالْعَمُّ إلَّا لِلْأُمِّ، وَكَذَا ابْنُهُ وَالزَّوْجُ وَالْمُعْتِقُ. وَمِنْ النِّسَاءِ سَبْعٌ: الْبِنْتُ، وَبِنْتُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ، وَالْأُمُّ، وَالْجَدَّةُ وَالْأُخْتُ، وَالزَّوْجَةُ وَالْمُعْتِقَةُ. فَلَوْ اجْتَمَعَ كُلُّ الرِّجَالِ وَرِثَ الْأَبُ وَالِابْنُ وَالزَّوْجُ فَقَطْ. أَوْ كُلُّ النِّسَاءِ فَالْبِنْتُ، وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُمُّ، وَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةُ. أَوْ الَّذِينَ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمْ مِنْ الصِّنْفَيْنِ فَالْأَبَوَانِ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَلَوْ فُقِدُوا كُلُّهُمْ فَأَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُورَثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ وَلَا يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ، بَلْ الْمَالُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَأَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ بِالرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ مَا فَضَلَ عَنْ فُرُوضِهِمْ بِالنِّسْبَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا صُرِفَ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَهُمْ مَنْ سِوَى الْمَذْكُورِينَ مِنْ الْأَقَارِبِ، وَهُمْ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ أَبُو الْأُمِّ، وَكُلُّ جَدٍّ وَجَدَّةٍ سَاقِطَيْنِ، وَأَوْلَادُ الْبَنَاتِ، وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ، وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ، وَبَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ، وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ، وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ، وَالْمُدْلُونَ بِهِمْ.
الْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ فِي كتاب اللَّهِ تَعَالَى سِتَّةٌ: النِّصْفُ فَرْضُ خَمْسَةٍ: زَوْجٍ لَمْ تُخَلِّفْ زَوْجَتُهُ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ، وَبِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ أَوْ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مُنْفَرِدَاتٍ. وَالرُّبُعُ فَرْضُ زَوْجٍ لِزَوْجَتِهِ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ، وَزَوْجَةٍ لَيْسَ لِزَوْجِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَالثُّمُنُ فَرْضُهَا مَعَ أَحَدِهِمَا. وَالثُّلُثَانِ فَرْضُ بِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا وَبِنْتَيْ ابْنٍ فَأَكْثَرَ وَأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ. وَالثُّلُثُ فَرْضُ أُمٍّ لَيْسَ لِمَيِّتِهَا وَلَدٌ وَلَدُ ابْنٍ وَلَا اثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، وَفَرْضُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ، وَقَدْ يُفْرَضُ لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ. وَالسُّدُسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ: أَبٍ وَجَدٍّ لِمَيِّتِهِمَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ وَأُمٍّ لِمَيِّتِهَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ أَوْ اثْنَانِ مِنْ إخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ وَجَدَّةٍ وَلِبِنْتِ ابْنٍ مَعَ بِنْتِ صُلْبٍ وَلِأُخْتٍ أَوْ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ مَعَ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَلِوَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ.
الْأَبُ وَالِابْنُ وَالزَّوْجُ لَا يَحْجُبُهُمْ أَحَدٌ، وَابْنُ الِابْنِ لَا يَحْجُبُهُ إلَّا الِابْنُ أَوْ ابْنُ ابْنٍ أَقْرَبُ مِنْهُ وَالْجَدُّ لَا يَحْجُبُهُ إلَّا مُتَوَسِّطٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ، وَالْأَخُ لِأَبَوَيْنِ يَحْجُبُهُ الْأَبُ وَالِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ، وَلِأَبٍ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ، وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ، وَلِأُمٍّ يَحْجُبُهُ أَبٌ وَجَدٌّ وَوَلَدٌ وَوَلَدُ ابْنٍ، وَابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ يَحْجُبُهُ سِتَّةٌ: أَبٌ، وَجَدٌّ، وَابْنٌ وَابْنُهُ، وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ وَلِأَبٍ، وَلِأَبٍ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ، وَابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ، وَالْعَمُّ لِأَبَوَيْنِ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ وَابْنُ أَخٍ لِأَبٍ، وَلِأَبٍ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ، وَعَمٌّ لِأَبَوَيْنِ، وَابْنُ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ، وَعَمٌّ لِأَبٍ، وَلِأَبٍ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ وَابْنُ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ، وَالْمُعْتِقُ يَحْجُبُهُ عَصَبَةُ النَّسَبِ. وَالْبِنْتُ وَالْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ لَا يُحْجَبْنَ، وَبِنْتُ الِابْنِ يَحْجُبُهَا ابْنٌ أَوْ بِنْتَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَنْ يُعَصِّبُهَا، وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ لَا يَحْجُبُهَا إلَّا الْأُمُّ، وَلِلْأَبِ يَحْجُبُهَا الْأَبُ أَوْ الْأُمُّ، وَالْقُرْبَى مِنْ كُلِّ جِهَةٍ تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْهَا، وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَأُمِّ أُمٍّ تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَأُمِّ أُمِّ أَبٍ، وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ لَا تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فِي الْأَظْهَرِ. وَالْأُخْتُ مِنْ الْجِهَاتِ كَالْأَخِ، وَالْأَخَوَاتُ الْخُلَّصُ لِأَبٍ يَحْجُبُهُنَّ أَيْضًا أُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ. وَالْمُعْتِقَةُ كَالْمُعْتِقِ، وَكُلُّ عَصَبَةٍ يَحْجُبُهُ أَصْحَابُ فُرُوضٍ مُسْتَغْرِقَةٍ.
الِابْنُ يَسْتَغْرِقُ الْمَالَ، وَكَذَا الْبَنُونَ، وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِلْبِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ بَنُونَ وَبَنَاتٌ فَالْمَالُ لَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَأَوْلَادُ الِابْنِ إذَا انْفَرَدُوا كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ، فَلَوْ اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ فَإِنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ ذَكَرٌ حَجَبَ أَوْلَادَ الِابْنِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ لِلصُّلْبِ بِنْتٌ فَلَهَا النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الِابْنِ الذُّكُورِ أَوْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا أُنْثَى أَوْ إنَاثٌ فَلَهَا أَوْ لَهُنَّ السُّدُسُ، وَإِنْ كَانَ لِلصُّلْبِ بِنْتَانِ فَصَاعِدًا أَخَذَتَا الثُّلُثَيْنِ، وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الِابْنِ الذُّكُورِ أَوْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَلَا شَيْءَ لِلْإِنَاثِ الْخُلَّصِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَ مِنْهُنَّ ذَكَرٌ فَيُعَصِّبُهُنَّ، وَأَوْلَادُ ابْنِ الِابْنِ مَعَ أَوْلَادِ الِابْنِ كَأَوْلَادِ الِابْنِ مَعَ أَوْلَادِ الصُّلْبِ، وَكَذَا سَائِرُ الْمَنَازِلِ، وَإِنَّمَا يُعَصِّبُ الذَّكَرُ النَّازِلُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَيُعَصِّبُ مَنْ فَوْقَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ.
الْأَبُ يَرِثُ بِفَرْضٍ إذَا كَانَ مَعَهُ ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ، وَبِتَعْصِيبٍ إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ، وَبِهِمَا إذَا كَانَ بِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ لَهُ السُّدُسُ فَرْضًا وَالْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِهِمَا بِالْعُصُوبَةِ. وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ أَوْ السُّدُسُ فِي الْحَالَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي الْفُرُوضِ وَلَهَا فِي مَسْأَلَتَيْ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ، وَالْجَدُّ كَالْأَبِ إلَّا أَنَّ الْأَبَ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ، وَالْجَدُّ يُقَاسِمُهُمْ إنْ كَانُوا لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، وَالْأَبُ يُسْقِطُ أُمَّ نَفْسِهِ وَلَا يُسْقِطُهَا الْجَدُّ وَالْأَبُ فِي زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ يَرُدُّ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى ثُلُثِ الْبَاقِي وَلَا يَرُدُّهَا الْجَدُّ. وَلِلْجَدَّةِ السُّدُسُ، وَكَذَا الْجَدَّاتُ وَتَرِثُ مِنْهُنَّ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ خُلَّصٍ، وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمَّهَاتُهَا كَذَلِكَ وَكَذَا أُمُّ أَبِي الْأَبِ وَأُمُّ الْأَجْدَادِ فَوْقَهُ وَأُمَّهَاتُهُنَّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَضَابِطُهُ كُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِمَحْضِ إنَاثٍ أَوْ ذُكُورٍ أَوْ إنَاثٍ إلَى ذُكُورٍ تَرِثُ، وَمَنْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ فَلَا.
الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ إنْ انْفَرَدُوا وَرِثُوا كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ، وَكَذَا إنْ كَانُوا لِأَبٍ إلَّا فِي الْمُشَرَّكَةِ، وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَوَلَدَا أُمٍّ وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ، فَيُشَارِكُ الْأَخُ وَلَدَيْ الْأُمِّ فِي الثُّلُثِ، وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْأَخِ أَخٌ لِأَبٍ سَقَطَ، وَلَوْ اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ فَكَاجْتِمَاعِ أَوْلَادِ صُلْبٍ وَأَوْلَادِ ابْنِهِ إلَّا أَنَّ بَنَاتِ الِابْنِ يُعَصِّبُهُنَّ مَنْ فِي دَرَجَتِهِنَّ أَوْ أَسْفَلَ، وَالْأُخْتُ لَا يُعَصِّبُهَا إلَّا أَخُوهَا، وَلِلْوَاحِدِ مِنْ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ لِأُمٍّ السُّدُسُ، وَلِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثُ سَوَاءٌ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ. وَالْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مَعَ الْبَنَاتِ، وَبَنَاتِ الِابْنِ عَصَبَةٌ كَالْإِخْوَةِ، فَتُسْقِطُ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ مَعَ الْبِنْتِ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ، وَبَنُو الْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ كُلٌّ مِنْهُمْ كَأَبِيهِ اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا لَكِنْ يُخَالِفُونَهُمْ فِي أَنَّهُمْ لَا يَرُدُّونَ الْأُمَّ إلَى السُّدُسِ وَلَا يَرِثُونَ مَعَ الْجَدِّ وَلَا يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ وَيَسْقُطُونَ فِي الْمُشَرَّكَةِ. وَالْعَمُّ لِأَبَوَيْنِ وَلِأَبٍ كَأَخِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا وَكَذَا قِيَاسُ بَنِي الْعَمِّ وَسَائِرِ عَصَبَةِ النَّسَبِ، وَالْعَصَبَةُ مَنْ لَيْسَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الْمُجْمَعِ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ، فَيَرِثُ الْمَالَ أَوْ مَا فَضَلَ بَعْدَ الْفُرُوضِ.
مَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ بِنَسَبٍ وَلَهُ مُعْتِقٌ فَمَالُهُ أَوْ الْفَاضِلُ عَنْ الْفُرُوضِ لَهُ رَجُلاً كَانَ أَوْ امْرَأَةً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِعَصَبَتِهِ بِنَسَبٍ الْمُتَعَصِّبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ لَا لِبِنْتِهِ وَأُخْتِهِ، وَتَرْتِيبُهُمْ كَتَرْتِيبِهِمْ فِي النَّسَبِ لَكِنْ الْأَظْهَرُ أَنَّ أَخَا الْمُعْتِقِ وَابْنَ أَخِيهِ يُقَدَّمَانِ عَلَى جَدِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ فَلِمُعْتِقِ الْمُعْتِقِ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ كَذَلِكَ. وَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مُعْتَقَهَا أَوْ مُنْتَمِيًا إلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ.
إذَا اجْتَمَعَ جَدٌّ وَإِخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ، وَمُقَاسَمَتُهُمْ كَأَخٍ، فَإِنْ أَخَذَ الثُّلُثَ فَالْبَاقِي لَهُمْ، وَإِنْ كَانَ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ سُدُسِ التَّرِكَةِ وَثُلُثِ الْبَاقِي وَالْمُقَاسَمَةِ، وَقَدْ لَا يَبْقَى شَيْءٌ كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَزَوْجٍ فَيُفْرَضُ لَهُ سُدُسٌ وَيُزَادُ فِي الْعَوْلِ، وَقَدْ يَبْقَى دُونَ سُدُسٍ كَبِنْتَيْنِ وَزَوْجٍ فَيُفْرَضُ لَهُ وَتُعَالُ، وَقَدْ يَبْقَى سُدُسٌ كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ فَيَفُوزُ بِهِ الْجَدُّ، وَتَسْقُطُ الْإِخْوَةُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَلَوْ كَانَ مَعَ الْجَدِّ إخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ وَلِأَبٍ فَحُكْمُ الْجَدِّ مَا سَبَقَ وَيُعَدُّ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ عَلَيْهِ أَوْلَادَ الْأَبِ فِي الْقِسْمَةِ، فَإِذَا أَخَذَ حِصَّتَهُ، فَإِنْ كَانَ فِي أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ ذَكَرٌ فَالْبَاقِي لَهُمْ وَسَقَطَ أَوْلَادُ الْأَبِ. وَإِلَّا فَتَأْخُذُ الْوَاحِدَةُ إلَى النِّصْفِ. وَالثِّنْتَانِ فَصَاعِدًا إلَى الثُّلُثَيْنِ. وَلَا يَفْضُلُ عَنْ الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ. وَقَدْ يَفْضُلُ عَنْ النِّصْفِ فَيَكُونُ لِأَوْلَادِ الْأَبِ. وَالْجَدُّ مَعَ أَخَوَاتٍ كَأَخٍ فَلَا يُفْرَضُ لَهُنَّ مَعَهُ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَلِلزَّوْجِ نِصْفٌ، وَلِلْأُمِّ ثُلُثٌ وَلِلْجَدِّ سُدُسٌ، وَلِلْأُخْتِ نِصْفٌ فَتَعُولُ ثُمَّ يَقْتَسِمُ الْجَدُّ، وَالْأُخْتُ نَصِيبَيْهِمَا أَثْلَاثًا لَهُ الثُّلُثَانِ.
لَا يَتَوَارَثُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ وَلَا يَرِثُ مُرْتَدٌّ وَلَا يُورَثُ. وَيَرِثُ الْكَافِرُ الْكَافِرَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا، لَكِنْ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا تَوَارُثَ بَيْنَ حَرْبِيٍّ وَذِمِّيٍّ. وَلَا يَرِثُ مَنْ فِيهِ رِقٌّ، وَالْجَدِيدُ أَنَّ مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يُورَثُ. وَلَا قَاتِلٌ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يُضْمَنْ وَرِثَ. وَلَوْ مَاتَ مُتَوَارِثَانِ بِغَرَقٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ فِي غُرْبَةٍ مَعًا أَوْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا لَمْ يَتَوَارَثَا وَمَالُ كُلٍّ لِبَاقِي وَرَثَتِهِ. وَمَنْ أُسِرَ أَوْ فُقِدَ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ تُرِكَ مَالُهُ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ أَوْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ - يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ فَوْقَهَا - فَيَجْتَهِدَ الْقَاضِي وَيَحْكُمَ بِمَوْتِهِ ثُمَّ يُعْطِيَ مَالَهُ مَنْ يَرِثُهُ وَقْتَ الْحُكْمِ. وَلَوْ مَاتَ مَنْ يَرِثُهُ الْمَفْقُودُ وَقَفْنَا حِصَّتَهُ وَعَمِلْنَا فِي الْحَاضِرِينَ بِالْأَسْوَإِ. وَلَوْ خَلَّفَ حَمْلاً يَرِثُ أَوْ قَدْ يَرِثُ عُمِلَ بِالْأَحْوَطِ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ، فَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَرِثَ، وَإِلَّا فَلَا، بَيَانُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ سِوَى الْحَمْلِ أَوْ كَانَ مَنْ قَدْ يَحْجُبُهُ وُقِفَ الْمَالُ، وَإِنْ كَانَ مَنْ لَا يَحْجُبُهُ وَلَهُ مُقَدَّرٌ أُعْطِيَهُ عَائِلاً إنْ أَمْكَنَ عَوْلٌ كَزَوْجَةٍ حَامِلٍ وَأَبَوَيْنِ لَهَا ثُمُنٌ وَلَهُمَا سُدُسَانِ عَائِلَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُقَدَّرٌ كَأَوْلَادٍ لَمْ يُعْطَوْا، وَقِيلَ أَكْثَرُ الْحَمْلِ أَرْبَعَةٌ فَيُعْطَوْنَ الْيَقِينَ. وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ إرْثُهُ كَوَلَدِ أُمٍّ وَمُعْتِقٍ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَيُعْمَلُ بِالْيَقِينِ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ وَيُوقَفُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ. وَمَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ جِهَتَا فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ كَزَوْجٍ هُوَ مُعْتِقٌ أَوْ ابْنُ عَمٍّ وَرِثَ بِهِمَا. فَلَوْ وُجِدَ فِي نِكَاحِ الْمَجُوسِ أَوْ الشُّبْهَةِ بِنْتٌ هِيَ أُخْتٌ وَرِثَتْ بِالْبُنُوَّةِ، وَقِيلَ بِهِمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي جِهَةِ عُصُوبَةٍ وَزَادَ أَحَدُهُمَا بِقَرَابَةٍ أُخْرَى كَابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَلَهُ السُّدُسُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا، فَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا بِنْتٌ فَلَهَا نِصْفٌ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ، وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِهِ الْأَخُ. وَمَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ جِهَتَا فَرْضٍ وَرِثَ بِأَقْوَاهُمَا فَقَطْ، وَالْقُوَّةُ بِأَنْ تَحْجُبَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى أَوْ لَا تَحْجُبَ أَوْ تَكُونَ أَقَلَّ حَجْبًا فَالْأَوَّلُ كَبِنْتٍ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ بِأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ بِشُبْهَةٍ أُمَّهُ فَتَلِدَ بِنْتًا، وَالثَّانِي كَأُمٍّ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ بِأَنْ يَطَأَ بِنْتَهُ فَتَلِدَ بِنْتًا، وَالثَّالِثُ كَأُمِّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ بِأَنْ يَطَأَ هَذِهِ الْبِنْتَ الثَّانِيَةَ فَتَلِدَ وَلَدًا فَالْأُولَى أُمُّ أُمِّهِ وَأُخْتُهُ.
إنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ عَصَبَاتٍ قُسِمَ الْمَالُ بِالسَّوِيَّةِ إنْ تَمَحَّضُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا. وَإِنْ اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ قُدِّرَ كُلُّ ذَكَرٍ أُنْثَيَيْنِ وَعَدَدُ رُءُوسِ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِمْ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ. وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ ذُو فَرْضٍ أَوْ ذَوَا فَرْضَيْنِ مُتَمَاثِلَيْنِ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ مَخْرَجِ ذَلِكَ الْكَسْرِ فَمَخْرَجُ النِّصْفِ اثْنَانِ وَالثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ وَالرُّبُعِ أَرْبَعَةٌ وَالسُّدُسِ سِتَّةٌ وَالثُّمُنِ ثَمَانِيَةٌ. وَإِنْ كَانَ فَرْضَانِ مُخْتَلِفَا الْمَخْرَجِ فَإِنْ تَدَاخَلَ مَخْرَجَاهُمَا فَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَكْثَرُهُمَا كَسُدُسٍ وَثُلُثٍ. وَإِنْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، وَالْحَاصِلُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ كَسُدُسٍ وَثُمُنٍ فَالْأَصْلُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ. وَإِنْ تَبَايَنَا ضُرِبَ كُلٌّ فِي كُلٍّ وَالْحَاصِلُ الْأَصْلُ كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ فَالْأَصْلُ اثْنَا عَشَرَ فَالْأُصُولُ سَبْعَةٌ: اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَسِتَّةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ. وَاَلَّذِي يَعُولُ مِنْهَا السِّتَّةُ إلَى سَبْعَةٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ، وَإِلَى ثَمَانِيَةٍ كَهُمْ وَأُمٍّ، وَإِلَى تِسْعَةٍ كَهُمْ وَأَخٍ لِأُمِّ، وَإِلَى عَشَرَةٍ كَهُمْ وَآخَرَ لِأُمٍّ. وَالِاثْنَا عَشَرَ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ، وَإِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ كَهُمْ وَأَخٍ لِأُمٍّ، وَسَبْعَةَ عَشَرَ كَهُمْ وَآخَرَ لِأُمٍّ. وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ كَبِنْتَيْنِ وَأَبَوَيْنِ وَزَوْجَةٍ. وَإِذَا تَمَاثَلَ الْعَدَدَانِ فَذَاكَ وَإِنْ اخْتَلَفَا وَفَنِيَ الْأَكْثَرُ بِالْأَقَلِّ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَمُتَدَاخِلَانِ كَثَلَاثَةٍ مَعَ سِتَّةٍ أَوْ تِسْعَةٍ وَإِنْ لَمْ يَفْنَهُمَا إلَّا عَدَدٌ ثَالِثٌ فَمُتَوَافِقَانِ بِجُزْئِهِ كَأَرْبَعَةٍ وَسِتَّةٍ بِالنِّصْفِ، وَإِنْ لَمْ يَفْنَهُمَا إلَّا وَاحِدٌ تَبَايَنَا كَثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعَةٍ، وَالْمُتَدَاخَلَانِ مُتَوَافِقَانِ، وَلَا عَكْسَ.
إذَا عَرَفْتَ أَصْلَهَا وَانْقَسَمَتْ السِّهَامُ عَلَيْهِمْ فَذَاكَ، وَإِنْ انْكَسَرَتْ عَلَى صِنْفٍ قُوبِلَتْ بِعَدَدِهِ، فَإِنْ تَبَايَنَا ضُرِبَ عَدَدُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا إنْ عَالَتْ، وَإِنْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقُ عَدَدِهِ فِيهَا فَمَا بَلَغَ صَحَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ انْكَسَرَتْ عَلَى صِنْفَيْنِ قُوبِلَتْ سِهَامُ كُلِّ صِنْفٍ بِعَدَدِهِ، فَإِنْ تَوَافَقَا رُدَّ الصِّنْفُ إلَى وَفْقِهِ، وَإِلَّا تُرِكَ ثُمَّ إنْ تَمَاثَلَ عَدَدُ الرُّءُوسِ ضُرِبَ أَحَدُهُمَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا، وَإِنْ تَدَاخَلَا ضُرِبَ أَكْثَرُهُمَا، وَإِنْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ تَبَايَنَا ضُرِبَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَمَا بَلَغَ صَحَّتْ مِنْهُ، وَيُقَاسُ عَلَى هَذَا الِانْكِسَارُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ وَأَرْبَعَةٍ، وَلَا يَزِيدُ الِانْكِسَارُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ نَصِيبِ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ مَبْلَغِ الْمَسْأَلَةِ فَاضْرِبْ نَصِيبَهُ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا ضَرَبْتَهُ فِيهَا فَمَا بَلَغَ فَهُوَ نَصِيبُهُ ثُمَّ تُقَسِّمُهُ عَلَى عَدَدِ الصِّنْفِ.
مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ لَمْ يَرِثْ الثَّانِيَ غَيْرَ الْبَاقِينَ وَكَانَ إرْثُهُمْ مِنْهُ كَإِرْثِهِمْ مِنْ الْأَوَّلِ جُعِلَ كَأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يَكُنْ وَقُسِمَ بَيْنَ الْبَاقِينَ كَإِخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ أَوْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ مَاتَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْبَاقِينَ. وَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرْ إرْثُهُ فِي الْبَاقِينَ أَوْ انْحَصَرَ وَاخْتَلَفَ قَدْرُ الِاسْتِحْقَاقِ فَصَحِّحْ مَسْأَلَةَ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَسْأَلَةَ الثَّانِي إنْ انْقَسَمَ نَصِيبُ الثَّانِي مِنْ مَسْأَلَةِ الْأَوَّلِ عَلَى مَسْأَلَتِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ ضُرِبَ وَفْقُ مَسْأَلَتِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا كُلَّهَا فِيهَا فَمَا بَلَغَ صَحَّتَا مِنْهُ، ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِيمَا ضُرِبَ فِيهَا، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي نَصِيبِ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى أَوْ فِي وَفْقِهِ إنْ كَانَ بَيْنَ مَسْأَلَتِهِ وَنَصِيبِهِ وَفْقٌ.
تَصِحُّ وَصِيَّةُ كُلِّ مُكَلَّفٍ حُرٍّ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا وَكَذَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، لَا مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَصَبِيٍّ، وَفِي قَوْلٍ تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ، وَلَا رَقِيقٍ، وَقِيلَ: إنْ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ صَحَّتْ. وَإِذَا أَوْصَى لِجِهَةٍ عَامَّةٍ، فَالشَّرْطُ أَنْ لَا تَكُونَ مَعْصِيَةً كَعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ. أَوْ لِشَخْصٍ فَالشَّرْطُ. أَنْ يُتَصَوَّرَ لَهُ الْمِلْكُ. فَتَصِحُّ لِحَمْلٍ وَتُنْفَذُ إنْ انْفَصَلَ حَيًّا وَعُلِمَ، وُجُودُهُ عِنْدَهَا بِأَنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ انْفَصَلَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَأَكْثَرَ، وَالْمَرْأَةُ فِرَاشُ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا وَانْفَصَلَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فَكَذَلِكَ أَوْ لِدُونِهِ اسْتَحَقَّ فِي الْأَظْهَرِ. وَإِنْ أَوْصَى. لِعَبْدٍ فَاسْتَمَرَّ رِقُّهُ فَالْوَصِيَّةُ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَهُ، وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ قَبِلَ بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَ تُمْلَكُ. وَإِنْ أَوْصَى لِدَابَّةٍ وَقَصَدَ تَمْلِيكَهَا أَوْ أَطْلَقَ فَبَاطِلَةٌ، وَإِنْ قَالَ لِيُصْرَفَ فِي عَلْفِهَا فَالْمَنْقُولُ صِحَّتُهَا. وَتَصِحُّ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ، وَتُحْمَلُ عَلَى عِمَارَتِهِ وَمَصَالِحِهِ. وَلِذِمِّيٍّ، وَكَذَا حَرْبِيٌّ وَمُرْتَدٌّ فِي الْأَصَحِّ، وَقَاتِلٌ فِي الْأَظْهَرِ. وَلِوَارِثٍ فِي الْأَظْهَرِ، إنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِرَدِّهِمْ وَإِجَازَتِهِمْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهِ وَارِثًا بِيَوْمِ الْمَوْتِ، وَالْوَصِيَّةُ لِكُلِّ وَارِثٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ لَغْوٌ وَبِعَيْنٍ هِيَ قَدْرُ حِصَّتِهِ صَحِيحَةٌ، وَتَفْتَقِرُ إلَى الْإِجَازَةِ فِي الْأَصَحِّ. وَتَصِحُّ بِالْحَمْلِ، وَيُشْتَرَطُ انْفِصَالُهُ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَهَا. وَبِالْمَنَافِعِ. وَكَذَا بِثَمَرَةٍ أَوْ حَمْلٍ سَيَحْدُثَانِ فِي الْأَصَحِّ. وَبِأَحَدِ عَبْدَيْهِ. وَبِنَجَاسَةٍ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ وَزِبْلٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرِمَةٍ، وَلَوْ أَوْصَى بِكَلْبٍ مِنْ كِلَابِهِ أَعْطَى أَحَدَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَلْبٌ لَغَتْ. وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَكِلَابٌ وَوَصَّى بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا فَالْأَصَحُّ نُفُوذُهَا، وَإِنْ كَثُرَتْ وَقَلَّ الْمَالُ. وَلَوْ أَوْصَى بِطَبْلٍ وَلَهُ طَبْلُ لَهْوٍ وَطَبْلٌ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَطَبْلِ حَرْبٍ وَحَجِيجٍ حُمِلَتْ عَلَى الثَّانِي، وَلَوْ أَوْصَى بِطَبْلِ اللَّهْوِ لَغَتْ إلَّا إنْ صَلَحَ لِحَرْبٍ أَوْ حَجِيجٍ.
يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، فَإِنْ زَادَ وَرَدَّ الْوَارِثُ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ، وَإِنْ أَجَازَ فَإِجَازَتُهُ تَنْفِيذٌ، وَفِي قَوْلٍ عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ، وَالْوَصِيَّةُ بِالزِّيَادَةِ لَغْوٌ، وَيُعْتَبَرُ الْمَالُ يَوْمَ الْمَوْتِ، وَقِيلَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ، يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا عِتْقٌ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ، وَتَبَرُّعٌ نُجِّزَ فِي مَرَضِهِ: كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ وَعِتْقٍ وَإِبْرَاءٍ. وَإِذَا اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَوْتِ وَعَجَزَ الثُّلُثُ فَإِنْ تَمَحَّضَ الْعِتْقُ أُقْرِعَ أَوْ غَيْرُهُ قُسِّطَ الثُّلُثُ. أَوْ هُوَ وَغَيْرُهُ قُسِّطَ بِالْقِيمَةِ، وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْعِتْقُ. أَوْ مُنَجَّزَةٌ قُدِّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ حَتَّى يَتِمَّ الثُّلُثُ فَإِنْ وُجِدَتْ دُفْعَةً وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ كَعِتْقِ عَبِيدٍ أَوْ إبْرَاءِ جَمْعٍ أُقْرِعَ فِي الْعِتْقِ وَقُسِّطَ فِي غَيْرِهِ. وَإِنْ اخْتَلَفَ وَتَصَرَّفَ وُكَلَاءُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عِتْقٌ قُسِّطَ، وَإِنْ كَانَ قُسِّطَ، وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْعِتْقُ. وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ فَقَطْ سَالِمٌ وَغَانِمٌ فَقَالَ إنْ أَعْتَقْت غَانِمًا فَسَالِمٌ حُرٌّ ثُمَّ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَتَقَ وَلَا إقْرَاعَ. وَلَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ وَبَاقِيهِ غَائِبٌ لَمْ تُدْفَعْ كُلُّهَا إلَيْهِ فِي الْحَالِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُتَسَلَّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الثُّلُثِ أَيْضًا.
إذَا ظَنَنَّا الْمَرَضَ مَخُوفًا لَمْ يَنْفُذْ تَبَرُّعٌ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، فَإِنْ بَرَأَ نَفَذَ، وَإِنْ ظَنَنَّاهُ غَيْرَ مَخُوفٍ فَمَاتَ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْفَجْأَةِ نَفَذَ، وَإِلَّا فَمَخُوفٌ، وَلَوْ شَكَكْنَا فِي كَوْنِهِ مَخُوفًا لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِطَبِيبَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ، وَمِنْ الْمَخُوفِ قُولَنْجُ، وَذَاتُ جَنْبٍ وَرُعَافٌ دَائِمٌ. وَإِسْهَالٌ مُتَوَاتِرٌ وَدِقٌّ، وَابْتِدَاءُ فَالِجٍ، وَخُرُوجُ طَعَامٍ غَيْرَ مُسْتَحِيلٍ، أَوْ كَانَ يَخْرُجُ بِشِدَّةٍ وَوَجَعٍ، أَوْ وَمَعَهُ دَمٌ، وَحُمًّى مُطْبَقَةٌ أَوْ غَيْرُهَا إلَّا الرِّبْعَ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْمَخُوفِ أَسْرُ كُفَّارٍ اعْتَادُوا قَتْلَ الْأَسْرَى، وَالْتِحَامُ قِتَالٍ بَيْنَ مُتَكَافِئَيْنِ، وَتَقْدِيمٌ لِقِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ، وَاضْطِرَابُ رِيحٍ، وَهَيَجَانُ مَوْجٍ فِي رَاكِبِ سَفِينَةٍ، وَطَلْقُ حَامِلٍ، وَبَعْدَ الْوَضْعِ مَا لَمْ تَنْفَصِلْ الْمَشِيمَةُ. وَصِيغَتُهَا أَوْصَيْتُ لَهُ بِكَذَا أَوْ ادْفَعُوا إلَيْهِ أَوْ أَعْطُوهُ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ جَعَلْتُهُ لَهُ أَوْ هُوَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِي، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هُوَ لَهُ فَإِقْرَارٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ هُوَ لَهُ مِنْ مَالِي فَيَكُونُ وَصِيَّةً، وَتَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ، وَالْكِتَابَةُ كِنَايَةٌ. وَإِنْ أَوْصَى لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ لَزِمَتْ بِالْمَوْتِ بَلَا قَبُولٍ، أَوْ لِمُعَيَّنٍ اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ. وَلَا يَصِحُّ قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، وَلَا يُشْتَرَطُ بَعْدَ مَوْتِهِ الْفَوْرُ. فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَهُ بَطَلَتْ أَوْ بَعْدَهُ فَيَقْبَلُ وَارِثُهُ. وَهَلْ يَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ بِمَوْتِ الْمُوصِي أَمْ بِقَبُولِهِ أَمْ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ قَبِلَ بَانَ أَنَّهُ مَلَكَ بِالْمَوْتِ، وَإِلَّا بَانَ لِلْوَارِثِ أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا الثَّالِثُ، وَعَلَيْهَا تُبْنَى الثَّمَرَةُ، وَكَسْبُ عَبْدٍ حَصَلَا بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ، وَنَفَقَتُهُ وَفِطْرَتُهُ، وَنُطَالِبُ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ إنْ تَوَقَّفَ فِي قَبُولِهِ وَرَدِّهِ.
إذَا أَوْصَى بِشَاةٍ تَنَاوَلَ صَغِيرَةَ الْجُثَّةِ وَكَبِيرَتَهَا سَلِيمَةً وَمَعِيبَةً ضَأْنًا وَمَعْزًا وَكَذَا ذَكَرَ فِي الْأَصَحِّ لَا سَخْلَةٌ وَعَنَاقٌ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنَمَ لَهُ لَغَتْ، وَإِنْ قَالَ مِنْ مَالِي اُشْتُرِيَتْ لَهُ، وَالْجَمَلُ وَالنَّاقَةُ يَتَنَاوَلَانِ الْبَخَاتِيَّ وَالْعِرَابَ لَا أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَالْأَصَحُّ تَنَاوُلُ بَعِيرٍ نَاقَةً لَا بَقَرَةٍ ثَوْرًا وَالثَّوْرُ لِلذَّكَرِ. وَالْمَذْهَبُ حَمْلُ الدَّابَّةِ عَلَى فَرَسٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ. وَيَتَنَاوَلُ الرَّقِيقُ صَغِيرًا وَأُنْثَى وَمَعِيبًا وَكَافِرًا وَعُكُوسَهَا وَقِيلَ: إنْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ وَجَبَ الْمُجْزِئُ كَفَّارَةً. وَلَوْ أَوْصَى بِأَحَدِ رَقِيقِهِ فَمَاتُوا أَوْ قُتِلُوا قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ، وَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ تَعَيَّنَ. أَوْ بِإِعْتَاقِ رِقَابٍ فَثَلَاثٌ، فَإِنْ عَجَزَ ثُلُثُهُ عَنْهُنَّ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَى شِقْصٌ بَلْ نَفِيسَتَانِ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَنْفُسِ رَقَبَتَيْنِ شَيْءٌ فَلِلْوَرَثَةِ، وَلَوْ قَالَ ثُلُثِي لِلْعِتْقِ اُشْتُرِيَ شِقْصٌ. وَلَوْ وَصَّى لِحَمْلِهَا فَأَتَتْ بِوَلَدَيْنِ فَلَهُمَا، أَوْ بِحَيٍّ وَمَيِّتٍ فَكُلُّهُ لِلْحَيِّ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُكِ ذَكَرًا أَوْ قَالَ أُنْثَى فَلَهُ كَذَا فَوَلَدَتْهُمَا لَغَتْ، وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ بِبَطْنِهَا ذَكَرٌ فَوَلَدَتْهُمَا اسْتَحَقَّ الذَّكَرُ أَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ فَالْأَصَحُّ صِحَّتُهَا وَيُعْطِيهِ الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. وَلَوْ وَصَّى لِجِيرَانِهِ فَلِأَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. وَالْعُلَمَاءُ أَصْحَابُ عُلُومِ الشَّرْعِ مِنْ تَفْسِيرٍ، وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ، لَا مُقْرِئٌ وَأَدِيبٌ وَمُعَبِّرٌ وَطَبِيبٌ، وَكَذَا مُتَكَلِّمٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. وَيَدْخُلُ فِي وَصِيَّةِ الْفُقَرَاءِ الْمَسَاكِينُ وَعَكْسُهُ، وَلَوْ جَمَعَهُمَا شُرِّكَ نِصْفَيْنِ، وَأَقَلُّ كُلِّ صِنْفٍ ثَلَاثَةٌ، وَلَهُ التَّفْضِيلُ، أَوْ لِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَأَحَدِهِمْ فِي جَوَازِ إعْطَائِهِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ لَكِنْ لَا يُحْرَمُ. أَوْ لِجَمْعٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ مُنْحَصِرٍ كَالْعَلَوِيَّةِ صَحَّتْ فِي الْأَظْهَرِ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ. أَوْ لِأَقَارِبِ زَيْدٍ دَخَلَ كُلُّ قَرَابَةٍ وَإِنْ بَعُدَ إلَّا أَصْلاً وَفَرْعًا فِي الْأَصَحِّ، وَلَا تَدْخُلُ قَرَابَةُ أُمٍّ فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ فِي الْأَصَحِّ، وَالْعِبْرَةُ بِأَقْرَبِ جَدٍّ يُنْسَبُ إلَيْهِ زَيْدٌ، وَتُعَدُّ أَوْلَادُهُ قَبِيلَةً، وَيَدْخُلُ فِي أَقْرَبِ أَقَارِبِهِ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ، وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ ابْنٍ عَلَى أَبٍ وَأَخٍ عَلَى جَدٍّ وَلَا يُرَجَّحُ بِذُكُورَةٍ وَوِرَاثَةٍ بَلْ يَسْتَوِي الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالِابْنُ وَالْبِنْتِ وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْبِنْتِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الِابْنِ، وَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ لَمْ تَدْخُلْ وَرَثَتُهُ فِي الْأَصَحِّ.
تَصِحُّ بِمَنَافِعِ عَبْدٍ وَدَارٍ وَغَلَّةِ حَانُوتٍ، وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ مَنْفَعَةَ الْعَبْدِ، وَأَكْسَابَهُ الْمُعْتَادَةَ. وَكَذَا مَهْرُهَا فِي الْأَصَحِّ، لَا وَلَدُهَا فِي الْأَصَحِّ، بَلْ هُوَ كَالْأُمِّ مَنْفَعَتُهُ لَهُ، وَرَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ. وَلَهُ إعْتَاقُهُ، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ إنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً وَكَذَا أَبَدًا فِي الْأَصَحِّ. وَبَيْعُهُ إنْ لَمْ يُؤَبَّدْ كَالْمُسْتَأْجَرِ، وَإِنْ أَبَّدَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ دُونَ غَيْرِهِ. وَأَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ كُلُّهَا مِنْ الثُّلُثِ إنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا، وَإِنْ أَوْصَى بِهَا مُدَّةً قُوِّمَ بِمَنْفَعَتِهِ ثُمَّ مَسْلُوبَهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ، وَيُحْسَبُ النَّاقِصُ مِنْ الثُّلُثِ. وَتَصِحُّ بِحَجٍّ تَطَوُّعٍ فِي الْأَظْهَرِ. وَيُحَجُّ مِنْ بَلَدِهِ أَوْ الْمِيقَاتِ كَمَا قَيَّدَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَمِنْ الْمِيقَاتِ فِي الْأَصَحِّ. وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ أَوْصَى بِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ الثُّلُثِ عُمِلَ بِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ بِهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَقِيلَ مِنْ الثُّلُثِ وَيَحُجُّ مِنْ الْمِيقَاتِ. وَلِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَيُؤَدِّي الْوَارِثُ عَنْهُ الْوَاجِبَ الْمَالِيَّ فِي كَفَّارَةٍ مُرَتَّبَةٍ، وَيُطْعِمُ وَيَكْسُو فِي الْمُخَيَّرَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْتِقُ أَيْضًا، وَأَنَّ لَهُ الْأَدَاءَ مِنْ مَالِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ، وَأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِطَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ، لَا إعْتَاقٍ فِي الْأَصَحِّ. وَتَنْفَعُ الْمَيِّتَ صَدَقَةٌ وَدُعَاءٌ مِنْ وَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ. وَأَمَّا ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ إلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ مِنْهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا يَتَجَرَّأُ عَلَى الْجَنَابِ الرَّفِيعِ إلَّا بِمَا أَذِنَ فِيهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ إلَّا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُؤَالِ الْوَسِيلَةِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلِهَذَا اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الدُّعَاءِ لَهُ بِالرَّحْمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الصَّلَاةِ لِمَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ مَعْنَى التَّعْظِيمِ بِخِلَافِ الرَّحْمَةِ الْمُجَرَّدَةِ، وَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ يَعْتَمِرُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةً بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ. وَحَكَى الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُوَفَّقِ وَكَانَ مِنْ طَبَقَةِ الْجُنَيْدِ أَنَّهُ حَجَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِجَجًا، وَعَدَّهَا الْفُقَّاعِيُّ سِتِّينَ حَجَّةً، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجِ النَّيْسَابُورِيِّ أَنَّهُ خَتَمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ آلَافِ خَتْمَةٍ وَضَحَّى عَنْهُ مِثْلَ ذَلِكَ اهـ. وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةٌ مُجْتَهِدُونَ فَإِنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ التَّضْحِيَةَ عَنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا تَجُوزُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي باب الْأُضْحِيَّةِ، وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ: وَلَا تَضْحِيَةَ عَنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَا عَنْ الْمَيِّتِ إذَا لَمْ يُوصِ بِهَا.
لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَعَنْ بَعْضِهَا بِقَوْلِهِ: نَقَضْتُ الْوَصِيَّةَ أَوْ أَبْطَلْتهَا أَوْ رَجَعْتُ فِيهَا أَوْ فَسَخْتُهَا أَوْ هَذَا لِوَارِثِي. وَبِبَيْعٍ وَإِعْتَاقٍ وَإِصْدَاقٍ وَكَذَا هِبَةٍ أَوْ رَهْنٍ مَعَ قَبْضٍ وَكَذَا دُونَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَبِوَصِيَّةٍ بِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، وَكَذَا تَوْكِيلٌ فِي بَيْعِهِ وَعَرَضَهُ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ. وَخَلْطُ حِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ رُجُوعٌ. وَلَوْ وَصَّى بِصَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ فَخَلَطَهَا بِأَجْوَدَ مِنْهَا فَرُجُوعٌ أَوْ بِمِثْلِهَا، فَلَا، وَكَذَا بِأَرْدَأَ فِي الْأَصَحِّ. وَطَحْنُ حِنْطَةٍ وَصَّى بِهَا وَبَذْرُهَا وَعَجْنُ دَقِيقٍ وَغَزْلُ قُطْنٍ وَنَسْجُ غَزْلٍ وَقَطْعُ ثَوْبٍ قَمِيصًا وَبِنَاءٌ وَغِرَاسٌ فِي عَرْصَةٍ رُجُوعٌ.
يُسَنُّ الْإِيصَاءُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا وَالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ. وَشَرْطُ الْوَصِيِّ تَكْلِيفٌ وَحُرِّيَّةٌ وَعَدَالَةٌ وَهِدَايَةٌ إلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمُوصَى بِهِ وَإِسْلَامٌ لَكِنَّ الْأَصَحَّ جَوَازُ وَصِيَّةِ ذِمِّيٍّ إلَى ذِمِّيٍّ. وَلَا يَضُرُّ الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ. وَلَا تُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ، وَأُمُّ الْأَطْفَالِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا. وَيَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ بِالْفِسْقِ وَكَذَا الْقَاضِي فِي الْأَصَحِّ لَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ. وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ، وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ مِنْ كُلِّ حُرٍّ مُكَلَّفٍ. وَيُشْتَرَطُ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ مَعَ هَذَا أَنْ يَكُونَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ، وَلَيْسَ لِوَصِيٍّ إيصَاءٌ فَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِيهِ جَازَ لَهُ فِي الْأَظْهَرِ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت إلَيْك إلَى بُلُوغِ ابْنِي أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ فَإِذَا بَلَغَ أَوْ قَدِمَ فَهُوَ الْوَصِيُّ جَازَ. وَلَا يَجُوزُ نَصْبُ وَصِيٍّ وَالْجَدُّ حَيٌّ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ. وَلَا الْإِيصَاءُ بِتَزْوِيجِ طِفْلٍ وَبِنْتٍ. وَلَفْظُهُ أَوْصَيْتُ إلَيْك أَوْ فَوَّضْتُ وَنَحْوهُمَا، وَيَجُوزُ فِيهِ التَّوْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ. وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يُوصِي فِيهِ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَوْصَيْت إلَيْك لَغَا. وَالْقَبُولُ وَلَا يَصِحُّ فِي حَيَاتِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ وَصَّى اثْنَيْنِ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا إلَّا إنْ صَرَّحَ بِهِ. وَلِلْمُوصِي وَالْوَصِيِّ الْعَزْلُ مَتَى شَاءَ. وَإِذَا بَلَغَ الطِّفْلُ وَنَازَعَهُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ صَدَقَ الْوَصِيُّ، أَوْ فِي دَفْعٍ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ صُدِّقَ الْوَلَدُ.
|